سايكس بيكو بعد مئة عام

آراء وقضايا 04 أبريل 2016 0
سايكس بيكو بعد مئة عام
+ = -

لقد مضت مئة عام على اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 م, التي ابرمت بين فرنسا والمملكة المتحدة وبمباركة من الإمبراطورية الروسية على اقتسام بعض مناطق في شرق الأوسط بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية المسيطرة على هذه المنطقة خلال الحرب العالمية الأولى.

.

حيث وصل الطرفين من خلال المفاوضات السرية بين الدبلوماسي الفرنسي فرانسوا جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس أواسط شهر آذار عام 1916 م الى هذه الاتفاقية الجائرة بالنسبة الى الشعب الكردي الذي تعرض بموجبه كردستان أرضا وشعبنا لمرة الثانية لأسوأ تقسيم في العصر الحديث بين اربعة دول (تركيا, ايران, عراق, سوريا ) بعد تقسيم الأول بين الإمبراطورية العثمانية والصفوية (ايرانية) اثر معركة جالدران (Celdiran ) عام 1514 م التي دامت بين الإمبراطوريتين قرابة مئة وعشرون عاما ً التي راحت ضحاياها آلاف من الطرفي الصراع وتصاعدت الحرب بعد استلام مراد الرابع العرش ومقاليد الأمور فحرك سلطان مراد جيشه في آذار عام 1635 م بقيادة قره مصطفى باشا واستولى على مدينة بغداد مجدداً عام 1638م وانسحب جيش شاه الايراني بقيادة رستم خان الى مشارف مدينة قصر شيرين الكائنة شرق نهر ديالى وانهارت معنويات الجيشين ورغبا الطرفي الصراع في انتهاء الحرب فالتجأوا الى المحادثات في الرابع عشر من أيار على سفح الجبل القريب من قصر شيرين واستمرت هذه المحادثات ثلاثة ايام وانتهت بالتوقيع على المعاهدة قصر شيرين يوم 17 ايار1639 م و بموجبها تم تجزئة كردستان رسميا بين دول الأربعة .

.

فعلى الدول الذين قسموا كردستان بموجب سايكس بيكو وبعد قرناً كامل وما آلت اليه الأوضاع الدولية آن الأوان لإيجاد الحل لقضية الشعب الكردي الذي مزقوا وطنهم وفق مصالحهم الذاتية آنذاك القيام بمسؤولياتهم وتصحيح ما اقترفوه عبر التاريخ بحق هذا الشعب المظلوم, ونتيجة لذلك تعرض هذا الشعب طيلة هذه الفترة الى أبشع الصنوف الاستبداد والقمع والظلم والتمييز, كما حاولوا مراراً في سائر اجزاء الكردستان الصهر القومية الكردية وامحائه من الوجود على يد تلك الأنظمة التي استلمت سدة الحكم في دول الغاصبة لكردستان .

.

فكل المعاير والمعطيات القانونية والدولية والمصالحية تؤكد انتهاء صلاحية سايكس بيكو بعد التغييرات السياسية والجغرافية التي حدثت في الآونة الأخيرة في الشرق الأوسط وانتهاء الحرب الباردة بين الغرب والشرق, فمن الأولى على الدول الذين ساهموا في تقسيم كردستان ولاسيما دولتي فرنسا وبريطانيا الراعيتان لاتفاقية سايكس بيكو مساعدة الشعب الكردي في كافة الأجزاء الكردستان لتحررهم من نير الاستعمار التركي والفارسي والعربي .

.

وكذلك الامم المتحدة وجميع مؤسسات وهيئات الدولية القيام بمسؤولياتهم امام التاريخ والقانون لما تعرص له الشعب الكردي في كل اجزاء الكردستان وعليهم ان يتحركوا لإلغاء كل بنود والمواد التي نصت عليها اتفاقية سايكس بيكو واعادة الحقوق لأصحابها وفق العهود والمواثيق الدولية التي نصت عليها الامم المتحدة حيال قضايا الشعوب في تقرير مصيرها. وعدم ايجاد الحل لقضية الشعب الكردي مع الدول الغاصبة لكردستان لن تتمتع المنطقة الشرق الأوسط بالاستقراروالأمان طالما بقيت قضية ثلاثون مليون كردي دون حل.

.

ومن الناحية الاخرى فالحركة السياسية الكردية في كردستان لم تكن بمستوى المطلوب ولم تستطع استغلال الفرص المواتية لها في كل الأجزاء الكردستان لتحقيق حقوق والطموحات الشعب الكردي في الحرية وحق تقرير المصير. وآن الأوان لتتكاتف والتعاضد وعدم الضياع الفرصة السانحة في ظل الأوضاع الإيجابية, ولاسيما بعد ان تشكلت ارضية في ظل التباينات والمصالح الدولية الآنية والعمل سريعاً لاستقطاب المجتمع الدولي حول المشاريع السياسية التي تطرحه الأحزاب والأطر الكردية وهي قابلة للحياة من اي وقت كان. لذا على القوى السياسية الكردية وفي كافة الأجزاء الكردستان التخلي عن الأنانية والحزبوية الضيقة والتفرد التي لم تخدم الحركة والشعب يوماً وتغليب التناقض الأساسيي على الثانوي في سبيل وحدة الصف والموقف الذي نحن احوج ما نكون اليه في ظل هذه التغيرات السريعة وضمانة الوحيدة لوصول الشعب الكردي الى الحرية والسلام والديمقراطية .

.
بقلم : مسلم شيخ حسن عضو اللجنة السياسية لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا

آخر التحديثات