سذج نحن الكرد

آراء وقضايا 11 يونيو 2016 0
سذج نحن الكرد
+ = -

2/2

نتناسى أن المقال لا يتجاوز الصراع الداخلي، والنقاشات لا تتجاوز شبكات التواصل الاجتماعية؛ ونتفاخر بالصفحات، في المواقع الانترنيتية، عن عدد المؤيدين كماً، وهذا الكم لا يتعدى عدد سكان أصغر قرية كردية. رغم مهاتراتنا على صفحات مواقعنا الكردية، فهي مشكورة؛ لأنها تجعل من كلماتنا حية، بحسناتها وسيئاتها، وبجهود شخصية كي تصل إلى مرأى ومسامع البعض.

.

وأكثر ما يعيبنا، أننا لا نتمعن في مدى التغيير، بجيده ورديئه، الذي نخلقه أو يمكن أن نخلقه. ولا ننتبه متسائلين هل كل ما نطرحه ونتناقش فيه أو نختلف عليه، سياسيا كان أو ثقافيا، يؤدي إلى إزالة ما نريد إزالته؟ أم أنه يزيد الهوة توسيعا، وتعميقا؟ هل استطعنا أن نخلق جوا من التفاهم، في بعض القضايا التي تقزمنا، أمام العالم؟

.

كبرنا ونحن نحلم بكردستان الوطن، ولم نكن نعلم أننا سنبدع في التفاصيل قبل أن تكون هناك كردستان، ويطيل بنا التوصيفات في سبل تحريرها، وعداها، لسنا متأكدين فيما إذا كان تحريرها مفيدا أم لا؟ ونحتار، هل هي وطن الكرد فحسب أم وطن كل كردستاني؟ وأحيانا نتساءل هل التحرير مهم أم غير ذلك؟ واقع الحال يبدي لنا بأننا أمة تضيع ضمن النظريات والإيديولوجيات. حلمنا أن كردستان القادمة ستكون مثالا للديمقراطية، وستكون قدوة للجغرافيات المعادية والمجاورة، ولم نكن نتوقع أننا سنعطي انطباعا للعالم، وفي أولى خطواتنا، أننا لا نختلف عن الآخرين في كثيره.

.

جنوب غربي كردستان، هي الجغرافية التي كثر اللغط والخلاف عليها دوليا وإقليميا، ناهيكم كرديا وكردستانيا. الغير يبحث في طمس وجودها أو إعدامها، ونحن نبحث في تسميتها؛ الغير يبحث عن كيفية إفراغها ديمغرافيا، ونحن ننشغل بتمجيد الزعامات فيها؛ الغير يخطط لكيفية القضاء على البقية الباقية من ساكنيها، ونحن نعتقل ونخوّن ونخطف هذا الباقي؛ الغير يجهد في زرع البديل في قرانا ومدننا، ونحن نوسع شرخ العداوة بين بعضنا البعض.

.

كنا شعب كردستان، بلهجات مختلفة، وعشائر متناحرة، وتسميات مذهبية ودينية اعتباطية، وأديان متضاربة، بقينا رغم ذلك كردستانيين في النزعة والانتماء الشعوري واللاشعوري؛ لكننا اليوم نتركها تحت الظلال القاتمة التي تخيّمها علينا القوى الإقليمية، ونحن نطيل من بقائها بذريعة التكتيكات! حتى صرنا بين سندان ومطرقة المنتمي واللامنتمي. نعيش في كردستانيات عديدة، وبانتماءات متضاربة؛ نغرق في دوامة العداوة؛ نسبح بهذا كله في إطار حركة سياسية ليس لها حول ولا قوة.

.

رغم ذلك من أحزابها من يفتخر بعدد ما تساندها من شرائح، متناسية أنها في دائرة اللاتعيين، والإملاءات تجرفها كما تشاء، ومعها أختها من شرائح المجتمع. واللافت أن الحركة الثقافية تتبعها، دون أن تعير الاهتمام اللازم للواقع الذي نحن فيه، ظانة أنه بمفردنا سننقل كردستان الحلم إلى وطن الأمة أو كردستان الكرد. عن أية أمة وأي كردستان نبحث ونحن نغوص في بحر صراعاتنا وفي الأطراف ترصدنا ذئاب جائعة؟ لا يعلم عددها إلا الله. وليعلم من لا يعلم أو يتناسى من يحلو له التناسي، أننا ككرد لن نحصل على اعتراف سياسي دولي ما دامت الخصومات قائمة بيننا، وحكم المنطق غائب فيما نختلف فيه؛ ومهما تغازلنا بكردستان المجزأة فهي بريئة من نهجنا وفضائحنا.

.

د. محمود عباس

الولايات المتحدة الأمريكية

[email protected]

6/6/2016م

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك