سوريا برسم التقسيم

آراء وقضايا 08 نوفمبر 2015 0
سوريا برسم التقسيم
+ = -

القوى و الدول التي اجتمعت في فيينا ب 30 تشرين الاول الماضي لمناقشة الأوضاع في سوريا و بغياب السوريين انفسهم من النظام و المعارضة هم بالإضافة إلى ممثلي الأمم المتحدة و الاتحاد الأوربي كل من الصين ومصر و وفرنسا وألمانيا وإيران والعراق وإيطاليا والأردن ولبنان وعمان وقطر وروسيا والسعودية وتركيا والإمارات والمملكة المتحدة والولايات المتحدة .و قد خرج المجتمعين ببيان فيها عدة نقاط مهمة منها :

.
“-وحدة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها وهويتها العلمانية أمور أساسية.
-مؤسسات الدولة ستظل قائمة.

.
-حقوق كل السوريين يجب حمايتها بصرف النظر عن العرق أو الانتماء الديني.

.
-ضرورة تسريع كل الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب و ضمان وصول المنظمات الإنسانية لكل مناطق سوريا وسيعزز المشاركون الدعم للنازحين داخليا وللاجئين وللبلدان المستضيفة.

.
-الاتفاق على ضرورة هزيمة تنظيم “داعش” وغيره من الجماعات الإرهابية كما صنفها مجلس الأمن الدولي واتفق عليه المشاركون.

.
-في إطار العمل ببيان جنيف 2012 وقرار مجلس الأمن الدولي 2118 فإن المشاركين وجهوا الدعوة للأمم المتحدة لجمع ممثلي الحكومة والمعارضة في سوريا في عملية سياسية تفضي إلى تشكيل حكومة ذات مصداقية وشاملة وغير طائفية على أن يعقب تشكيلها وضع دستور جديد وإجراء انتخابات. وينبغي إجراء هذه الانتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة بموافقة الحكومة وبالتزام أعلى المعايير الدولية للشفافية والمحاسبة وأن تكون حرة نزيهة يحق لكل السوريين ومنهم المغتربون المشاركة فيها

.
-سوريا هي التي تملك وتقود هذه العملية السياسية والشعب السوري هو من يحدد مستقبل سوريا.
-المشاركون ومعهم الأمم المتحدة سيدرسون ترتيبات وتنفيذ وقف لإطلاق النار بكل أنحاء البلاد يبدأ في تاريخ محدد وبالتوازي مع هذه العملية السياسية الجديدة.”

.
من الناحية النظرية هذه البنود مهمة و تحقق على الأقل الحد الأدنى من مطالب الشعبية في سوريا ،و لكن من الناحية العملية هذه الدول أو أغلبية هذه الدول تعمل و تخطط لتقسيم سوريا أو على الأقل لأضعاف سوريا وحماية مصالحها ، فروسيا تدخلت للحفاظ على قاعدتها العسكرية الوحيدة المتبقية في شرق البحر المتوسط و إيران تدخلت للحفاظ على ما يسمى بالهلال الشيعي العلوي و الاتراك تدخلوا لإلحاق المناطق الشمالية من سوريا بسلطنتهم و إقامة حكومة ذات توجهات أخوانية و الولايات المتحدة تدخلت لإضعاف سوريا أكثر خدمة لإسرائيل و الخليجيين أرادوا تدمير سوريا لإقناع شعوبهم بعدم التمرد عليهم مستقبلا .إذا ليس هدف اجتماع فيينا حل المسألة السورية كما يتم الأدعاء بل مزيدا من التقسيم و التشرزم و المعاناة طبعا لسنا من المؤمنيين بنظريات المؤامرة ،فلو استطاع النظام تقديم الحلول لانتهت الازمة منذ زمن و اصبحت سوريا من الدول المتحضرة و لكن عناد النظام فتح المجال لتشكيل كل هذه الفصائل المتطرفة و البعيدة عن ثقافة و تقاليد هذا الوطن و فتح المجال لتشكيل معارضات رخيصة تبيع نفسها و لا تقدم أي حلولة ، و بالتالي فتح المجال لكل هذه التدخلات الخارجية .

.
المشاركيين في اجتماع فيينا لم يهتموا بحضور السوريين أبدا و اعتبروا أنفسهم كممثليين لنظام و المعارضة و الشعب و خرجوا ببيان هي فقط مجرد حبر على ورق ،و لو كانوا فعلا مهتمين بحل المسألة السورية لوجدوا أليات حقيقية من أجل تنفيذ هذه البنود و لضغطوا على كافة القوى من المعارضة و النظام لتنفيذ هذه القرارات ، و لكن هذه القوى يبدوا إنها غير مستعجلة لحل الأزمة السورية فروسيا و الولايات المتحدة و دول الغربية تبيع أسلحتها و تربح المليارات من الدولارات من جراء هذه الأزمة و غيرها من الأزمات المنتشرة في شرقنا ،و دول مثل إيران و تركيا ما تزال تأمل في كسب مزيدا من النفوذ و التأثير في سوريا،و دول خليجية تؤجج نيران الحروب الطائفية، و ينتظر الجميع مزيدا من التدهور و التدمير و لا تهمها معاناة السوريين ،و الهدف هو تقسيم و اضعاف سوريا و لكن بطريقة تدميرية ، و يستفيدون من ضعف النظام و المعارضة لفرض خياراتهم الغير المعلنة .

.
و مصير اجتماع فيينا كمصير جنيف 1 و جنيف 2 ،و قريبا سيتم وضع وثيقتها في دروج هيئة الأمم المتحدة للبحث عن وثيقة أخرى أكثر ملوثة بالدم .و كإن النزاع السوري ليس له أي حل لا في أروقة جامعة الدول العربية و لا في أروقة هيئة الامم المتحدة و مجلس الأمن و لا في مفاوضات النظام مع المعارضة، و لا حتى على الارض فعسكريا أيضا ممنوع أن ينتصر طرفا ما و يجب إطالة النزاع قدر المستطاع.

.
و أفاق الحل السياسي ما يزال غير واضح في سوريا فلا النظام و لا المعارضة يمتلكان حلول حقيقية للأزمة و لا يمتلكان القرار و ينفذان اجندات لاتهمها مصير المكونات السورية ،و يبدوا إن سوريا الغارقة في الحرب الطائفية متجهة إلى التقسيم لو لم يتفق كافة مكوناتها على بناء وطن ديمقراطي يحقق للجميع الحرية و العدالة و عبر شراكة حقيقية تجمع كافة مكوناتها .

نورالدين عمر

آخر التحديثات
  • تابعونا على الفيسبوك

  • أتبعني على تويتر