صراع هولير وقنديل على غرب كردستان

آراء وقضايا 27 سبتمبر 2013 0
+ = -

عرضت غرب كردستان من خلال الثورة السورية في المزادات العلنية، دفع شعبها الثمن غالياً، وخسر فيها زعماء أحزاب ضميرهم، وإنسانيتهم، فلم يعد يبالون بتجار الصفقات، ولا يبحثون عن الغايات، ألقوا بكل الأثقال على جهات كردية خارجية لتحمل عنهم عناء المشقة، والمسيرة التي قضوها تحت أوامر سلطة شمولية وعلى مدى عقود، علمتهم السهولة في الخنوع والخضوع، علماً أن الحاضر المعاش أفضل من الماضي الذليل، فالأوامر الحالية سهل تقبلها، لغة، وتعاملاً، ولا يتحملون مسؤولية ما يتلقفه الآخر من خارج جغرافية كردستان الكلية،

وبالكاد يفتح عينيه على ما يجري في أحضان غرب كردستان الهاجرة من الذات، والمهجرة إلى الشتات، فلا يكتفي الكردستاني الآمر بما حصل للشعب هناك، بل ينهش منه وهو في صراع الغربة، يتقاسم كل ممتلكاته، قوتان أو ثالثة تدخل على الخط أحيانا، يتكالبون على من سيحصل على المزيد من القسمة.

هولير تتصارع ومنظومة المجتمع الكردستاني، من سيحكم كردستان القادم، حتى ولو كانت في الأحلام، يستعملون طرقهم وأساليبهم في خداع الشعب، ويستغلون قادة أحزاب غرب كردستان، كل يحتضن مجموعة، ويقدم لهم خططهم وأجنداتهم، يرفقونها بمساعدات مادية ومعنوية وإنسانية، لكنهم في واقع الأمر ينفذون أجندات قوى خارجية تتحكم بمصير الأمة الكردية بأبعادها الكلية، تغطى بكل المفاهيم والغايات الكردستانية، لا يشك الفرد بنقاء الغاية عند القوتين أو الثلاث، لكن يطغى عليها النزعة الذاتية، وسيطرة الأنا، لتمثل كردستان القادم، من خلال الاستئثار بأنا الأصح والأوحد، لم يكتفوا بالنهش في الشباب الثائر كل بطريقته، يوم كانت السيطرة لهم في الشارع الكردي، بل تسارعوا وتصارعوا على السيطرة العسكرية أو الجماهيرية على المنطقة، حسب الإملاء المطلوب منهم، تحت مفاهيم التكتيك والاستراتيجيات لتحرير كردستان القادم، تغيرت الأوامر التي أمليت عليهم في بداية الثورة مع مرور الزمن فمن فرض التقارب والتلاحم إلى الانفصال والعمل منفرداً، فمن اجتماع هليليكي إلى المستحيل لخلق مجلسين، ومن ثم هيئة ممزقة، أصبحت وهمية تستعمل عند الحاجة، والمسيرة بعدها معروفة للكل، وكل طرف يفسرها حسب الرغبة والغاية.
تجاوز الصراع الحلبة السياسية، والسيطرة العسكرية، انتقلت إلى مؤسسات المجتمع المدني، والمنظمات الثقافية، والمؤلم أن القوتين لم تعد تخفيان الصراع، ولا يبالون بكمية التضحيات التي تدفعها شعب غرب كردستان، بقدر ما يهمهم وساعة جغرافية سيطرتهم، فال ب ي د تسيطر عسكريا، وتحارب تيارات تكفيرية عنصرية، والبعض يضع أكوام من الشكوك والأسئلة حول خلفيات الصراع، والأحزاب التابعة للديمقراطي الكردستاني بعد فترة من المحاولات المتكررة بالظهور كقوة عسكرية في الساحة، فشلت، والقوات لا تزال موجودة في معسكرات منذ أكثر من سنة ونصف. فبدأت تبحث عن المنظمات الثقافية ومؤسسات المجتمع المدني والعمق الجماهيري، لتظهر من خلالهم ذاتها، وهي في الواقع إظهار لقوة هولير، فبدأت تركز إعلاميا بين الشعب على أنها هي الأقوى جماهيرياً، بالمقابل تمكنت ال ب ي د في فترة من الفترات نقل القتال بين الحزب والتيارات الإسلام السياسي المتشدد والعنصريين، إلى صراع كردي وتكفيريين، رفعوا شعارات الدفاع عن الوطن، تناولها معظم الأطراف الكردية باستثناء القلة، خاصة في معارك رأس العين الأولى، لكنهم فشلوا في تحويل ال ي ب ك إلى قوة تمثل الشعب الكردي عامة، بسبب تمريرهم لأجندات خارجية، والأخطاء الكثيرة والكبيرة التي أجبروا عليها بسبب تلك الأوامر، فاستغلوا دماء الشهداء، وفي كل مناسبة وكل زاوية ظهرت شعارات نحن نقدم الشهداء، باسم الحزب، كخدمة ونضال، وكشهداء من الشعب في الحديث العام، فكان الخلط الغريب، فالشهيد يبقى مقدساً حتى ولو دفع به جهة سياسية لأنه يقدم روحه دفاعا عن وطن وليس عن حزب، فاستغلاله باسم الحزب أو جهة سياسية، جريمة بحق الشهادة ذاتها، مثل جريمة تقديم الشعب من قبل الأحزاب الأخرى كضحية خاصة بهم، هم أحرار إلى أين يقودونهم فهم قادتها، يقدمون ذاتهم في المحافل ممثلون عن شعب لم يقدموا لهم سوى الذل على مدى نصف قرن، ولم يخدموهم بقدر ما خدموا الأنا الحزبية الموالية للأسياد.
برزت في الآونة الأخيرة مرحلة الصراع على مؤسسات المجتمع المدني في داخل الوطن، فتحت مدارس تعليم اللغة الكردية، وكل طرف قدمها بطريقته، وفتحوا المراكز المتنوعة، وتكاثرت المكاتب الحزبية، ، وفي بعض الفترات استعملت القوة العسكرية للحد من هذه المراكز، وقد شاهدنا حرق لبعضهم وإغلاق لمراكز أخرى، والصراع لا يزال جارياً، مناطق نفوذ، وتقسيم لجثة الإقليم، الأوامر تملى والأحزاب الكردية المهترئة الرأي تنفذ المطلوب، لا يستطيعون التخلص من ثقافة السلطة الشمولية، كل شيء في خدمة السياسة والحزب في خدمة الآمر، الساكن في هولير أو قنديل أو سليمانية، وهؤلاء في خدمة أنقرة أو طهران أو دمشق، وهم بدورهم في خدمة واشنطن أو موسكو. كم هي صغيرة دور أحزاب غرب كردستان في الصراع الدائر على سوريا وكم هم أذلاء تابعين في مسيرة الثورة السورية.
فضحت مؤتمر نقابة إعلاميي كردستان – سوريا في هولير الكثير من الأفعال، وعرت التبعيات، وهي واحدة من المؤسسات الثقافية التي تكالبوا عليها لتشكيلها وتسخيرها لذاتهم، كل من جهته، هولير قدمت ذاتها بشكل غير مباشر، وأرسلت المنظومة إعلامييها عن طريق مؤسساتها التابعة ل ب ي د وهي ممثلية المنظومة في غرب كردستان، ظهر الصراع منذ الساعات الأولى للسيطرة على الإدارة، ضاعت المفاهيم والأفكار واختفت غاية المؤتمر، تحركت الأطراف لخلق الأكثرية، مجموعة البقاء ومجموعة الانسحاب من المؤتمر وإفشاله، في الأيام الأولى كان الهوليريون والقنديليون، وانتهى المؤتمر، بالفشل والنجاح، حسب الجهة، ولا شك كما تبين وكما قيل وما أتبعه فيما بعد من التصريحات، واختتم فشله بعد أيام، ببيان ممثل حكومة الإقليم والمجلس الوطني الكردي، وذلك بعد أن تبين لهولير أن المؤتمر رغم تشكيل الهيئة الإدارية لكنه لم ينجح باستقطاب المجموعة الإعلامية اللازمة، فالأغلبية في الهيئة ليسوا إعلاميين والبعض لا علاقة لهم بالإعلام كلياً، عمليا كان مؤتمراً للكتاب أكثر ما يكون للإعلاميين، كما أن الذين حضروا المؤتمر ومن الطرفين، لم يكن يمثل الإعلاميين بينهم نسبة النصف، وللخروج من القضية بماء وجههم نقدوا المؤتمر من حيث البناء والاستقطاب والبيان وطريقة ظهور النقابة، فمن كان الممول؟ ومن كان وراء عقد هذا المؤتمر وفي هذه الفترة وبهذه السرعة؟ نحن لا نسأل عن الظاهر الملغي، بل الباطن الملغوم؟
القضية لم تقف عند هذا الحد، عادةً الصراعات الكردية تنتهي بفضائح، أو قتل، تحركت أقلام البعض من الكتاب المحسوبين على ال ب ي د، لفضح المؤتمر وأعماله وما حوله، ولم يكتفوا بذلك، فاقحموا (رابطة الكتاب والصحفيين الكرد في سوريا) في مستنقع صراعهم، والبعض منهم ذكر وبالفم الملآن، ولما لا فهي منظمة ثقافية ويجب أن تنتمي أو تساند جهة معينة، لا حياد في خيال الأحزاب الكردية، لذلك استعملوا اسم الرابطة كمتراس، على أساس إنه توجد رابطة ثقافية في غرب كردستان تمثل 300 كاتب وصحفي فلا داعي لنقابة للإعلاميين، والغريب أن هذا الطرح لم يعرض من أية جهة قبل المؤتمر، كما أن لجنة التحضير لم تدرج اسمها بين المدعوين وكل من حضر من أعضائها كان باسمه الشخصي.
إنها منظمة ثقافية، أعضائها ينتمون إلى تيارات سياسية متنوعة، ولكل منهم حرية الانتماء السياسي خارج إطار الرابطة، وهذا ينطبق على أعضاء الهيئة نفسها. مع ذلك لم يراعوا هذه الخصوصية، ولم تقف الإثارة عند حد التهجم على المؤتمر وفشله، أو الدفاع عنه وعملية إنجاحه، بل توسعت دائرة المعركة الكلامية لتشمل الرابطة نفسها، طالبت هولير أثناء المؤتمر بحل الرابطة، رفضها الأعضاء الحاضرين، وللأسف هذه ليست هي المرة الأولى التي تقدم هولير مثل هذا الطلب، وذلك اعتمادا على رؤية ورغبة البعض من رؤساء أحزاب غرب كردستان، فقط لأن الرابطة تصر على استقلالية الرأي، وتقف على نفس المسافة من جميع الجهات السياسية، وتحاول نقد أخطاء الجميع قدر الإمكان، وبالمقابل قامت مجموعة ال ب ي د بتحريك هيئة الرابطة للوقوف معهم بالتنديد بالمؤتمر، مثلما طلبوا منهم الانسحاب أثنائها، رفض أعضائها الموجودون رغبة هذه الجهة أيضا، لهذا حصلت الرابطة على ندين مختلفين لموقفها، المحايد، لم تكتفي ب ي د بدون الثأر من الرابطة، فحركت المطلوب، وأخرجت بفبركة ملغومة، سياسية، للتشهير بأحد أعضائها البارزين، وهي تهمة في واقع الأمر إذا نظرنا إليها من خارج إطار الهيئة الثقافية، غير سلبية، مقارنة بالفضائح التي أغرقت الأحزاب الكردية ذاتها فيه، نصف الحركة الكردية الأن اندمجت بالائتلاف الوطني السوري بعد تخليها الإعلامي عن مطلب الفيدرالية وغيرها من مطالب الشارع الكردي، وكما هو معروف ال ب ي د من أهم مؤسسي هيئة التنسيق الوطنية والتي كما يقال معارضة الداخل أو معارضة السلطة للسلطة، التي عقدت مؤتمرها التأسيسي في خيمة ضمن دمشق وتحت حراسة الشبيحة وقوى أمن النظام السوري ومع مجموعة عنصرية من أمثال حسن عبدالعظيم زعيم حزب معروف بعنصريته وغيره. ألم يكن حريا بهما أن يتفقان على تشكيل قوة موحدة للدفاع عن المنطقة، وخلق ثقل في جميع المحافل، لا التكالب عليها. فبناءً على هذه المسلمات المتناقضة بين طرفي الحركة السياسية الكردية، والتي تستند إلى هولير وقنديل في انتماءاتهما هذه، فالفبركة بحد ذاتها ليست فضيحة سياسية بقدر ما هي محاولة لخلق بلبلة وكأنها جريمة لواقع المثقف الكردي، في الوقت الذي يغرق نصف كتاب الكرد في الانتماء الحزبي والشخصية الحزبية متخليين عن الانتماء الوطني ومتناسين الوجود القومي، فالحزب اصبح لديهم الغاية وليست الوسيلة، فيتكالبون على إبراز قوتها على حساب قوة الشعب، ألا يتشابه أفعال الجهتين هذه بكليته مع النظام الشمولي وأساليبه في سوريا، فكل ما فعلوه كانت خارج الغاية الوطنية بل لغاية قادمة ملغومة، ليخلقوا هيئات ثقافية مناوئة للرابطة وللإعلاميين خاصة بحزب ب ي د، يبدئ بها كتاب الحزب بهذه الفبركة كمبرر لذاتهم ويعلنوا عن تركهم للرابطة، قبلهم فعلها بعض الإخوة لكن على خلفية سياسية معاكسة تماماً.
لهذا نود أن نذكر جميع الإخوة الكتاب والصحفيين والمثقفين، أن الرابطة كهيئة ثقافية وليست كأعضاء ستقف قدر المستطاع بعيداً عن المعارك الدائرة بين الأحزاب، والخطط التي تديرها هولير وقنديل من أجل توسيع نفوذها وسيطرتها على غرب كردستان، وستحاول أن تبقى الهيئة الثقافية المستقلة والمنتمية إلى قامشلو وعفرين وديركا حمكو وعاموده وغيرها من المدن وجوداً، وإلى كردستان الكل عملاً وفكراً ونضالاً.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]

آخر التحديثات
  • تابعونا على الفيسبوك

  • أتبعني على تويتر