صور مروعة ترصد حجم الدمار الذي خلفته “الفيضانات القاتلة” بأوروبا

حول العالم 18 يوليو 2021 0
صور مروعة ترصد حجم الدمار الذي خلفته “الفيضانات القاتلة” بأوروبا
+ = -

كوردستريت|| وكالات

أفضت الفيضانات الكارثية التي لا تزال تضرب غرب أوروبا إلى سقوط أكثر من 150 قتيلًا وفقد مئات آخرين، فيما تتواصل جهود الإنقاذ على نطاق واسع وسط ارتفاع منسوب المياه والانهيارات الأرضية وانقطاعات التيار الكهربائي.

وأظهرت صور مروّعة نشرتها شبكة “سي إن إن” الأمريكية، السبت، حجم الدمار في ألمانيا وبلجيكا، حيث غرقت قرى بأكملها تحت الماء، وحوصِرت سيارات بين مبانٍ مُنهارة وركام. كما تأثرت هولندا ولوكسمبورج أيضًا بالأمطار الغزيرة.

قال أولريش سوبارت، المتحدث باسم الشرطة في مدينة كوبلنز الألمانية، للسي إن إن: “لا نهاية تلوح في الأفق (لتلك الكارثة) حتى الآن”، مُشيرًا إلى أن السلطات تأمل في أن تتمكن من إحصاء عدد الأشخاص المفقودين مع استمرار عمليات الإنقاذ واستعادة شبكات الهاتف.

وأضاف سوبارت: “نأمل أن يكون بعض الأشخاص تم تسجيلهم على أنهم في عِداد المفقودين مرتين أو حتى ثلاث مرات – على سبيل المثال أن يُسجل أحد أفراد الأسرة أو زميل في العمل أو صديق شخصًا على أنه مفقود”.

وتابع: “لا تزال شبكات الهاتف مُعطلة أيضًا في بعض الأماكن. ونأمل أن يتمكن الأشخاص المُحاصرون من الاتصال بأحد أقاربهم أو زملائهم في العمل أو أصدقائهم لإحاطتهم علمًا بأنهم بخير”.

بالتوازي، انهار ليلة الجمعة سد على طول نهر “رور” في ولاية شمال الراين وستفاليا بغرب ألمانيا. وبدأ المسؤولون في إجلاء نحو 700 من سكان حي أوفوفن بمدينة واسنبرج بعد انهيار السد الذي يتدفق من ألمانيا عبر هولندا وبلجيكا. كما أمر المسؤولون الهولنديون بإجلاء 10 آلاف شخص في بلدية فينلو، حيث ارتفع نهر “ماس” أسرع من المتوقع. ويُتوقع استمرار ارتفاع منسوب المياه حتى مساء الأحد.

ويخشى المسؤولون من احتمال انهيار المزيد من السدود ويراقبون الخزانات في المنطقة عن كثب.

ويُرجّح عودة الأشخاص الذين تم إجلائهم في مقاطعة أوسكيرشن بولاية شمال الراين وستفاليا إلى منازلهم في وقت ما يوم الأحد. يأتي ذلك في الوقت الذي يتم فيه تصريف المياه من سد “شتاينباخ” لتقليل الضغط. وقال المسؤولون إن خزانات السد تمتلئ، لكن ليس مُتوقعًا أن تفيض فوق ضفافها.

وأعلن الجيش الألماني تقديم الدعم للمدنيين ومنظمات الإغاثة وفرق الإطفاء لاحتواء “الفيضان القاتل”.

وقالت وزيرة الدفاع الألمانية أنجريت كرامب كارينباور إنها تحدثت مع نظيرتها الفرنسية فلورنس بارلي التي عرضت أيضًا المساعدة العسكرية.

وكذلك أفاد مكتب الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، بأنه سيزور منطقة راين-إرفت في ولاية شمال الراين-ويستفاليا، اليوم السبت.

عشرات الآلاف في الظلام
ويتعايش ما لا يقل عن 165 ألفًا مع الظلام الدامس إثر انقطاع التيار الكهربائي حاليًا في ولايتي “راينلاند بالاتينات” و”نورد راين فيستفالن” المجاورة، حسبما قالت السلطات للسي إن إن.

وقالت كاتيا هاينز، المتحدثة باسم وزارة الداخلية بولاية شمال الراين وستفاليا، للشبكة الأمريكية، إن الوضع في الولاية التي قُتِل فيها ما لا يقل عن 43 شخصًا بسبب الفيضانات “لا يزال ديناميكيًا للغاية”، موضحة: “لا نعرف عدد الأشخاص المفقودين”.

وارتفع عدد القتلى في راينلاند بالاتينات إلى 62 على الأقل، وفقًا للشرطة، التي أفادت يوم الجمعة بإصابة 362 شخصًا على الأقل.

فيما قال رئيس وزراء الولاية، مالو درير، إن كل ساعة تحمل أخبارًا سيئة. وأعرب دراير في مؤتمر صحفي عن خشيته من ارتفاع أعداد الضحايا، مُضيفًا “لم نصل بعد إلى المرحلة التي يمكننا القول فيها إن الوضع بات يسيرًا”.

أمطار قياسية
مع استمرار جهود الإنقاذ، ظهرت المزيد من المشاهد المأساوية.

غرق ما لا يقل عن 9 أشخاص في منشأة لرعاية المعاقين بعد أن حوصروا في مياه الفيضانات. غمرت المياه المنشأة الواقعة في بلدة سينزيج، في منطقة أهرويلر، بسرعة لدرجة أن السكان – الذين كانوا نائمين – لم يتمكنوا من الفرار، رُغم الجهود التي بذلها مقدمو الرعاية لإحضارهم إلى بر الأما ، وفقًا لقناة “إن تي في” التابعة للسي إن إن.

كانت ولايات “نوردراين فيستفالن” و”راينلاند بالاتينات” و”سارلاند” الأكثر تضررا من هطول الأمطار القياسي، والذي وصفته السلطات بأنه “الأعنف منذ قرن”.

وقال متحدث باسم دائرة الأرصاد الجوية الألمانية: “في بعض المناطق لم نشهد كمية كبيرة من الأمطار منذ 100 عام”، مضيفًا أن تلك المناطق ” شهدت أكثر من ضِعف كمية الأمطار”، مما تسبب في حدوث فيضانات وانهيارات أرضية.

وهطلت الأمطار في مساحات شاسعة من غرب ألمانيا على مدار 24 ساعة بين 100 و150 ملليمترًا (3.9-5.9 بوصة)، وهو ما يمثل أكثر من نسبة الأمطار التي يُمكن أن تتساقط في هذه المنطقة خلال شهر، وفقًا للشبكة الأمريكية.

سجلت مدينة كولونيا الواقعة في ولاية شمال الراين وستفاليا 154 ملليمترًا (6 بوصات) من الأمطار خلال 24 ساعة حتى صباح الخميس، وهو ما يقرب من ضعف المتوسط الشهري لشهر يوليو البالغ 87 ملليمترًا.

ونتجت الفيضانات المفاجئة الشديدة بسبب نظام طقس بطيء الحركة ذات ضغط منخفض، مما سمح لحزام ناقل من الهواء الدافئ والرطب بإثارة عواصف رعدية قوية وأمطار غزيرة طويلة الأمد، وفقًا لخدمة الطقس الألمانية.

وأثّرت الفيضانات في شمال الراين وستفاليا وراينلاند بالاتينات بشدة على حركة السفر بالقطار، وفقًا لخدمة السكك الحديدية الألمانية (دويتشه بان)، التي ناشدت بدورها المواطنين بتجنب تلك المناطق خلال عطلة نهاية الأسبوع.

“تغير المناخ وصل إلى ألمانيا”
وبات هطول الأمطار الغزيرة أكثر شيوعًا في المناخ الدافئ، حيث يمكن للهواء الأكثر دفئًا أن يحمل مزيدًا من بخار الماء ليتساقط على شكل مطر.

غردت وزيرة البيئة الألمانية، سفينيا شولتز، على تويتر، يوم الخميس “لقد وصل تغير المناخ إلى ألمانيا”، مضيفة أن “الكوارث البيئية تُظهِر القوة التي يمكن أن تؤثر بها عواقب تغير المناخ علينا جميعًا، ومدى أهمية التكيف مع الأحداث المناخية القاسية مُستقبلًا”.

بدورها، قالت هانا كلوك، أستاذة علم الهيدرولوجيا في جامعة ريدينج البريطانية، للسي إن إن، إن “هذا النوع من السيول الصيفية المفاجئة ذات الطاقة العالية هي بالضبط ما نتوقعه في مناخنا الآخذ في الدفء بوتيرة سريعة”.

واعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، يوم الجمعة، أن الفيضانات واسعة النطاق دليل على الحاجة إلى الاستعجال في العمل على تغير المناخ. وقالت إن مثل هذه الكوارث بمثابة رسالة “يخبرنا بها العلم أن هذا مؤشر واضح على تغير المناخ وأن هذا أمر يُظهر حقًا الحاجة المُلحة للتحرك”.

ويوم الخميس، تنبأت خدمة الأرصاد الألمانية بانتهاء “الهطول القياسي” الأسوأ للأمطار منذ قرن، وذلك رُغم توقعها بمزيد من الأمطار الغزيرة في جنوب غرب ألمانيا يوم الجمعة.

وفي بلجيكا المجاورة، لقي ما لا يقل عن 22 شخصًا مصرعهم حتى الآن، وفقًا لوزارة الداخلية البلجيكية. ولا يزال هناك حوالي 21 ألفًا بدون كهرباء في المنطقة الجنوبية من والونيا، وفقا لموّرد الطاقة المحلي (أوريس)، الذي قال إن الوضع عبر شبكة الكهرباء لا يزال “معقدًا للغاية”، مُضيفًا وأضافت أن المياه غمرت نحو 300 نقطة توزيع ويتعذر الوصول إليها.

وأعلن رئيس الوزراء البلجيكي، ألكسندر دي كرو، أن بلجيكا ستقيم حدادًا وطنيًا على ضحايا الفيضانات يوم الثلاثاء، مؤكدًا أن البلاد تقف “جنبًا إلى جنب” في مواجهة تلك الكارثة.

وقال دي كرو في مؤتمر صحفي: “ستكون لحظة للتفكير في الخسارة البشرية الكبيرة، وستكون أيضًا لحظة لإظهار التضامن، ولإظهار الاتحاد، ولإظهار الصداقة”. وتابع: “ما كان من المفترض أن تتحول أيام الصيف الجميلة فجأة إلى أيام مظلمة وحزينة للغاية لعدد كبير من إخواننا المواطنين”.

ويواصل الجيش البلجيكي عمليات البحث والإنقاذ فيما لا يزال العديد من الأشخاص عالقين في منازلهم بدون كهرباء.

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك