ضرورة تصدّي الحركة الكردية لمشاكلها البنيوية

آراء وقضايا 31 مايو 2019 0
ضرورة تصدّي الحركة الكردية لمشاكلها البنيوية
+ = -

كوردستريت || مقالات

.
شوّهت بعض الأحزاب والحركات الكردية القيم والمبادئ الحزبية حتى أصبح كل شيء بلا معنى ، تاجرت بالوطن والوطنية ، استثمرت الشعارات الوطنية بصفقات رابحة أفادت مصالحها الحزبية الضيقة فقط ، زيّفت الديمقراطية وضربت قيم الحياة الحزبية بالصميم ، توالدت الأحزاب من رحم بعضها بمتوالية حسابية عجيبة ، رفاق الأمس ، خصوم اليوم ، يدّعون الشرعية ، يدّعون أحقيتهم بالوراثة ويكيلون أقسى أنواع التهم لبعضهم البعض ، عشرات الأسئلة تطرح نفسها ، لماذا هذا الصراع والانفلات الفكري والتنظيمي الحزبي ؟ لو أمعنّا الفكر والنظر عمليا فيما يجري على الساحة الكردية ، لانرى وراء هذه الشروخ والانشقاقات سوى المصالح الشخصية الضيقة ، لانرى سوى الشللية والتبعية والأنانية والانتهازية ( نعم تتوالد الأحزاب يوميا ، ألف مبروك وتهانينا القلبية الحارة للمواليد الجدد ) .

.
أما البوصلة الوطنية واعادة القطار الى سكته ووضعه بمساره الصحيح ، أصبحت من المحرمات الحزبية ، لم تدر ولن تدرك القيادات الحزبية الوهمية أنّ الأحزاب الوطنية الفعلية تشكّل قوة رائدة للجماهير وتعبّر عن آماله وأحلامه وتطلعاته وتكون بحق لسان حاله ونبضه الذي لا يتوقف .
للأسف عندما نتطلع حوالينا ، لا نرى من يمثل السواد الأعظم من الشعب الكوردي ، كل حزب يمثل شريحة محددة أو أفرادا معدودين والمعركة حامية جدا فيما بينها ” بدءا بالتخوين والعمالة لصالح اجندات اقليمية ” ، وقد تمايزت وتمحورت في تيارين رئيسين هما :

.
اولاهما ، تيار المجلس الوطني الكردي الذي حمل راية المشروع القومي الكردي وتحالف بنفس الوقت مع المعارضة السورية المدعومة تركيا التي تعمل ليلا نهارا على تقويض هذا المشروع ، نتساءل كيف انسجم هذا التيار مع قوى معادية لمشروعها الوطني ؟ لكن اجابات المجلس لم تكن مقنعة ومبررة لدى غالبية أبناء شعبنا الكردي طوال سني تحالفهم مع المعارضة السورية ، نتساءل ، ماهي المكاسب التي حققها من تحالفه مع الائتلاف وماهي الخسائر التي لحقت به ؟ هل انجزالمجلس شيئا لشعبنا على أرض الواقع او حتى أية تفاهمات أو اتفاقيات شكلية على الورق في ظل زيادة معاناة شعبنا من المحن والويلات ، معاناته من المصائب التي ألمّت به نتيجة الأزمة السورية ، معاناته من الانتهاكات والجرائم والتغيير الديمغرافي من قبل الاحتلال التركي وحلفائه الفصائل المسلحة ؟ ومازالت قيادات المجلس وانصاره يرددون على مسامعنا يوميا ” الأمور تجري في صالحنا ، تأملوا خيرا ” ، نعم كل خيرات المعارضة السورية نراها بانتهاكاتها وجرائمها اليومية في عفرين .

.
ثانيهما ، تيار الأمة الديموقراطية وأخوة الشعوب ، هذا التيار الذي عادى شعبه وآخى بقية شعوب المنطقة ، هذا التيار الذي استلم المناطق الكوردية سلميا من النظام السوري دون أي تصادم عسكري معه وأقام ادارة ذاتية فيها وحشد كل أنصاره واعلامه ضد تركيا واردوغان وكأن مشكلة المناطق الكوردية في سوريا كانت مع تركيا ، قام باعتقال الناشطين والمعارضين ومارس كل أنواع التعذيب معهم وتم تصفية بعضهم واغلق مكاتب الاحزاب الأخرى وأحرق بعضها ومازال يعتقل في سجونه منذ سنوات معارضين سياسيين كورد والذين مازال مصيرهم مجهولا حتى الآن ، وكذلك اتبّع سياسة كم الافواه وهجّر الكثير من الكورد بسبب فرض قانون التجنيد الاجباري عليهم ، جلب هذا التيار بتحدياته واستفزاته الغير مبررة وغروره وعناده ” بأنه أصبح يشكل قوة يحسب لها ألف حساب على أرض الواقع ” ، جلب الذئاب الرمادية وحلفائها الى المنطقة الكردية ، دخلت تركيا إلى عفرين باتفاق دولي ومباركة امريكية وبذريعة محاربة الإرهاب ووجود تهديد للامن القومي التركي على حدودها الجنوبية ، والنتيجة ماذا حل بعفرين ؟

.
1 – انهيار البنية التحتية والاقتصادية والاجتماعية . 2 – خسائر بمليارات الدولارات 3 – دمار في بيوت الأهالي والمعامل وخسائر زراعية كبيرة . 4 – استشهاد أكثر من 700 مدني في عفرين بينهم نساء وأطفال . 5 – استشهاد أكثر من 2000 شاب وشابة من ابناء وبنات عفرين . 6 – نزوح 300 الف من اهالي عفرين إلى مناطق الشهباء كوباني والجزيرة . 7 – توطين اهالي الغوطة وحمص وإدلب في بيوت النازحين واستملاك بيوتهم واراضيهم . 8 – تغيير ديموغرافي وطمس هوية عفرين الكوردية .
هذه خسائر الأمم الديمقراطية وأخوة الشعوب التي سمحت لنفسها بالتفرد بقرار السلم والحرب بالمناطق الكردية ، هذه الخسائر التي تعدّها انجازات كبيرة تحت شعارات الامم الديمقراطية والمقاومة والتحرير ، هذا التيار وحلفائه ” من الخط الثالث ” الذي لم يتوان من جهة بربط أسباب خسائره بالمجلس الوطني الكردي ، ويكأن تركيا وحلفائها الفصائل المسلحة تأتمر بأوامرها وقرارتها ، باستصغار وتلاعب واضح بعقول الناس ويشمت من ناحية أخرى من أي انتكاسة يتعرض لها المجلس الوطني ويستشيطون غضبا من ناحية ثالثة من حضوره المؤتمرات الدولية المتعلقة بالشأن السوري في حين يتوسلون حلفاءهم بضرورة اشراكهم بتلك المؤتمرات الدولية وحصرية تمثيلهم مناطق الادارة الذاتية .

.
لذلك يتوجب على التيارين الخروج من دائرة الشكوك المتبادلة والصراعات الغير مجدية والتصدي سوية لمواجهة قضايا المجتمع الكردي وتحقيق مطالبه وأهدافه وطموحاته والوقوف سدا منيعا أمام مخططات أعداء القضية الكردية . لتدخلوا التاريخ و لو لمرة واحدة من اوسع ابوابه ابطالا في سجلاته.

.

وليد معمو  
28 / 5 / 2019

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك