قومية العطاء

آراء وقضايا 03 أبريل 2021 0
قومية العطاء
+ = -

كوردستريت || مقالات 

يوسف تبينه

ان الأكراد الفيلية هم من خيرة ابناء الشعب العراقي، سكنوا فيه منذ ايام السومريين، عاشوا مع الطوائف الأخرى بمحبة ووئام، شعب مسالم يحب الحياة والحرية، يمتلكون قلب العارم بالطيبة مثال ذلك  قصة الرجل الذي كان يقول، لجيرانه الذين يبكون على فراقه  عند تسفيره الى ايران “لا تبكوا على بل ابكوا على انفسكم فأنتم مع صدام أقرب منا الى الشر”، وكذلك امتازوا وبالوفاء للقيم والمبادئ النبيلة وكذلك بروح التضحية والمحبة والعطاء، تميزوا بوفاء العهود واحترام المواثيق والصدق والامانة في نشاطاتهم التجارية والاقتصادية، شريحة عراقية عريقة الأصالة مع العراق بذلت الكثير من اجل العراق وازدهاره.

 للكرد الفيليين مساهمات كبيرة في تاريخ العراق، وكان والي بغداد قبل أربعة قرون كرديًا فيليًا، اسمه ذوالفقار كلهر، وكذلك رشح الوالي حسين غلام رضا خان ابن الوالي حسين قلي خان نفسه ملكًا لعرش العراق، من أمراء الكرد الفيلية هو الأمير ذو الفقار نخود وهو من عشيرة كلهر الفيلية الذي احتل بغداد فأصبحت تحت حكمه لمدة ستة سنوات أيمن عام 930 هجرية لغاية 936 وخلال فترة حكمه كان حسن السيرة والتدبير خدم اهل بغداد ويعتبر المؤرخون أن تلك السنوات كانت الامن والازدهار.

شارك أبناء هذه الشريحة إلى جانب بقية العراقيين بنشاط وإخلاص في كل من المناحي على صعيد الحياة العراقية، اقتصادية وسياسية واجتماعية وكانت لرجالاتهم مواقف مشرفة، على الصعيد السياسي، وبرز من بينهم أدباء وشعراء ورياضيين وتجار كبار وكان لهم دور كبير في كل الحركات والانتفاضات الشعبية في العراق منذ ثورة العشرين وحتى اليوم بالإضافة لمشاركتهم في الحركات والثورات الكردية.

برزوا أكثر في ميدان الحركة الوطنية العراقية عموما وبوجه خاص في نشاطهم الوطني العراقي ضمن صفوف الحركة التحررية الكردية وضمن صفوف الحزب الشيوعي العراقي والحركات السياسية الاخرى، بل ظهرت اسماء لامعة من بين الأكراد الفيلية في الحركة الوطنية العراقية وتاريخ العراق السياسي كان لهم دور كبير في الحركة الوطنية العراقية، حيث كان حي الاكراد معقلا للحركة الوطنية للحزب الديمقراطي الكردستاني وللحزب الشيوعي العراقي، كذلك محلة باب الشيخ، التي إعدام كثيرا من الشباب لأن اكثرهم كانوا ينتمون الى الحزب الشيوعي، وكانت منطقة شارع الكفاح تسمى آنذاك بموسكو الخامسة، حدثت فيها معارك كبيرة لمدة خمسة ايام، مع عناصر الحرس القومي.

 اما عن دور الكرد الفيلية في الحركة التحررية الكردية، فقد كانوا بمثابة خط الدفاع الأول في نضالهم من اجل حرية الشعب الكردي ونيل حقوقه المشروعة ومنها حقه في تقرير المصير.

في هذا يذكر السيد مسعود البارزاني في كتابه (البارزاني والحركة التحررية الكردية – ج 3): لقد كان اقبال الكرد الفيلين شديدا على الانضواء في عضوية البارتي بدوافع وطنية خالصة وكان بينهم من ارتقى الى مناصب قيادية في الحزب. من بين الشخصيات المعروفة من الكرد الفيلية في الحركة الوطنية العراقية سواء في حركة التحرر الكردية ام في غيرها هم: منهم الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري والكاتب الكبير مصطفى جواد والسياسي الكبير عزيز الحاج والدكتور جعفر محمد كريم وحبيب محمد كريم والملا حكيم خانقيني وجليل فيلي وزكية اسماعيل حقي والشهيدة ليلي قاسم والمرحوم الدكتور علي بابا خان وعبد الرزاق فيلي وسعدون فيلي والمرحوم حميد شفي ويد الله فيلي وغيرهم كثير من خيرة ابناء العراق.

في هذا السياق أيضا نشير الى قول السيد مسعود البارزاني: (ان قلمي يقف عاجزا من تسجيل بطولات وتضحيات هذا القطاع المجاهد واولها استشهاد المناضلة ليلى قاسم ورفاقها)، ولذلك كان للكرد الفيلية دورهم الفاعل والمتميز في عموم الحركة الوطنية العراقية وبخاصة في صفوف الحركة التحررية الكردية ومقاومة الدكتاتورية ونشر قيم الخير. 

 كانوا يمسك ونعصب الحياة التجارية في العراق، وامتهنوا عدة حرف في مجال العمل التجاري والزراعي والصناعي وتميزوا بالتجارة، كان نسبة كبيرة منهم يعملون في التجارة وكان كبار التجار من هذه الشريحة، كان أكثرهم هم تجار الحديد والخشب والأقمشة والملابس الجاهزة والعدد وهنا كنسبة كبيرة تقوم بأعمال الحمالة لان الحمال الفيلي كان معروفا بقوته وإمكانيته البدنية إضافة الى توفر الثقة والامان به.

 عندما جاء نظام البعث و بحجج واهية مثل اعتبارهم حلقة وصل بين إقليم كردستان شمال العراق والأحزاب الشيعية العربية لأنهم أكراد القومية وشيعي المذهب، كان التجار من الكرد الفيليين يدعمون حركات التحرر بالمال والسلاح، أقدم على القيام بعمليات تهجير لكل من لم يطع النظام او يشكل خطر عليه، والمستهدف الرئيسي لهذه العملية هم الاكراد الفيلية، لان صدام يكرهم مرتين، لأنهم اكراد، لأنهم شيعة، كراهية عنصرية وطائفية معا.، وللسيطرة على املاكهم وخاصة في مناطق بغداد، مثل جميلة او الجادرية التي كان يسكنها كثير من تجار الاكراد الفيلية، الحكومات المتعاقبة العنصرية والطائفية بحملات تهجير جماعي ضد الفيلية، وجرى في الوقت نفسه تهجير آلاف من العرب العراقيين الأقحاح من جنوب العراق ووسطه بحجة (التبعية) وبينهم الكثيرون من أبناء العشائر. ولكن (الذنب) الوحيد الذي اقترفوه هو انتماؤهم الشيعي وتمسكهم بوطنيتهم العراقية ومعارضتهم لنظام الحكم، وهذا اثبت زيف ادعاء الحكومات البعثية.

من أهم أسباب موقف نظام صدام من قضية التهجير والتسفير ضد الكرد الفيلية ما يلي:

عامل اقتصادي، حيث ان مفاتيح العمل التجاري بيد العديد من الاكراد الفيلية وبخاصة ممن استقر في بغداد والدليل على ما نقول ما قام به نظام صدام في قضية غرفة تجارة بغداد وقيامه بتسفير التجار الكرد الفيلية بدون أي وازع اخلاقي او ديني او حجة قانونية.

عامل سياسي، ويهدف نظام البعث وصدام الى تغيير البناء الديمغرافي ومحاولة تغيير نسبة السكان الكرد وبخاصة بعد اتفاقية اذار عام 1970. لاسيما وان بعض الاكراد الفيلية صاروا من القادة المتقدمين في صفوف حركة التحرر الكردية. وكذلك محاولة الضغط على إيران من خلال عملية التهجير للبشر ومحاولة التأثير على إيران بخلق مشكلة للنظام في إيران.

الجدير بالذكر ان السيد مسعود البارزاني تنبهه لجريمة النظام ضد الكرد الفيلية حيث يقول (ما ان غربت الشمس عام 1971 حتى بدأت السلطات بأبعاد جماعات منهم الى خارج الحدود، كان اجراء ظاهرة قانوني وباطنة طعنة في خاصرة الثورة الكردية). ثم يشير البارزاني ال انه: (كانت الغاية السوداء مزدوجة ترمي الى: اضعاف الثورة والاستيلاء على اموال هذه الشريحة وخلق مشاكل للحكومة الايرانية).

 كانت وما زالت هذه القومية المعطاء لا تطلب سوى ان يحيوا بسلام، ويحصلوا على حقوقهم الطبيعية التي يتمتع بها أي مواطن في بلده، على الرغم من دورهم الكبير على مر التاريخ العراقي. 

آخر التحديثات
  • تابعونا على الفيسبوك

  • أتبعني على تويتر