كورد ستريت -خاص / “التهريب” مأساة المسافرون بطرق غير نظامية

ملفات ساخنة 28 أغسطس 2014 0
+ = -

كورد ستريت -حصري /”حزمت أمري بالسفر الى تركيا عن طريق التهريب” بهذه الكلمات بدئت الصحفية (ن.ه) حديثها لتسرد تفاصيل سفرها تهريباً. وهي رغم انها تملك جواز سفر إلا أنها فضلت السفر بهذه الطريقة بعد استحالة خروجها عبر البوابات والمعابر الحدودية بشكل نظامي. وعللت السبب أنه “لم أجد آية طريقة او وسيلة نظامية للخروج من سورية”، ما دفعها الى المغامرة لتروي ما حدث معها خلال سفرها.

وفي التفاصيل، قالت (ن.ه) انها “في البداية اتصلت مع مهرب من ديريك يدعى محمد أخذت رقمه من صديق كان قد ذهب عن طريقه الى تركيا”, ووصفته أنه كان رجلاً طويلاً ووسيماً ذو حنكة وليونة بالكلام، وكان عمره بحدود الاربعين من وأردفت “أخبرني بان لديه طريق سهل ولا يوجد فيه خطر او ركض كل ما في الأمر المشي بسرعة قليلاً”، وبحسب تأكيدات المهرب ان الطريق آمن يغيب عنه حرس الحدود التركية “جندرمة”.

وعن تكاليف الرحلة شرحت (ن.ه) أنّ “المهرب محمد طلب مني 200$ دولار وكان المبلغ كثيرا بالنسبة “لي ،ولكن عن طريق صديقة لها كانت على صلة قرابة مع ابن عم مهرب وخفض لهم أجور التسعيرة.الى 100 دولار وهذا مبلغ مقبول حيث ان تسعيرة المهربين ارتفعت للضعف

المهرب ويدعى “محي الدين” من أحدى قرى أطراف مدينة كركي لكي- اقصى شمال شرق سورية قريبة من الحدود العراقية- اتفقت (ن.ه) معه عبر الهاتف واقلوا سيارة خاصة والتي طلب منهم السائق مبلغ 6 الاف ليرة سورية وكان هذا مبلغ يضاف الى تكاليف السفرة التي يبدوا أن هناك مصاريف أخرى تنتظرهم.

استقبلهم المهرب وقال لهم “طرقي آمنة أطمئنوا، لا يوجد فيها اي خطورة، أنا يومياً أقوم بإدخال مجموعة لا تقل عن 10 واحياناً 20 شخص”، فالحالة كانت مريحة وشعور القلق غاب بعض الشيء بعد حديث المهرب، وعند المساء اخذتهم سيارة فان مغلقة الى الحدود لتفاجئ الجميع بوجود مجموعات أخرى لا تقل كل مجموعة عن 25 شخص جالسين مع مهربهم.

المهرب قبل الرحلة طلب من الجميع دفع المبلغ المتفق وكان يحمل جهاز صغير ليتأكد أنها غير مزورة. انطلقت القافلة بالمشي على الأقدام وأشارت (ن.ه) “تنقلنا من مكان الى آخر مع حلول الظلام حتى الصباح الباكر حيث اجتزنا عدة نقاط وقطعتنا مسافة قدرتها أكثر من 10 كم”، وكانت المجموعة تمشي بمحاذاة الحدود واضافت “لم نستطلع الدخول الى تركيا لكثافة الجندرمة الموجودة على طول الحدود، حيث حاولنا 3 مرات وبائت بالفشل وقضينا تلك الليلة مشيا بظهر منحني أو منبطحين كي لا يشاهدوننا الجندرمة”، وكانوا يضطرون البقاء في مكانهم اكثر من نصف ساعة وفي بعض الاوقات كان يطلب منهم إلا يتحركوا من مكانهم ويستغرق الوقت حوالي ساعة كاملة. وعندما كان يطلب منهم الانبطاح كانت الاشواك او حجارة في انتظارهم ما يزيد مصاعب الرحلة. وأخيراً لم يحالفهم الحظ وعادوا أدراج الرياح بعد يوم كان متعب ومرهق لهم. واخبرت (ن.ه) أنها “كنت أنيقة وارتديت حذاء جديد وكأنني ذاهبة لحفلة، فالحفلة تحولت الى حلبة للزحف والانبطاح

“مضى اليوم الاول دون ان نفلح بالدخول الى تركيا، وحالة من التشاؤم راودتني”، هكذا وصفت حالتها (ن.ه) وفي الليلة الثانية اخرجت خفافه- بوط- بعد أن اهترئ حذائها الجديد في اليوم الأول، وكانت الرحلة في اليوم الثاني اشبه باليوم الاول وأعربت عن حزنها قائلاً “لم نستطيع تجاوز ولا سلك، حاولنا مرات كثيرة بمحاذاة نهر وأخيراً اجتزنا الأسلاك من تحت جسر قريب من قرية حدودية ولكن بعد 100 متر تقريبا اعتقلتنا الجندرمة ولكن كون أكثرنا كانوا من النساء ارجعونا ولم يؤذوا أحداً واكتفوا بالصراخ وطردونا”.

وبعد فشلها في اليوم الثاني قررت (ن.ه) الاتصال مع مهرب آخر والأخير طلب منها مبلغ 200 دولار، وفي تلك الليلة استأجروا سيارة خاصة وكانوا 4 اشخاص وعند وصولهم اخذ منهم المهرب منهم النقود واشترطوا “لن ادخل من طريق خطر اريد الدفع مقابل ان ادخل بسلام”، وبحسب (ن.ه) ردّ عليها المهرب قائلاً “اليوم بعد ساعة لدينا محاولة وسأخذ منكي فقط مبلغ 150 دولار لكل شخص والطريق آمن”، وفعلاً صدقوا المهرب الجديد، ولكن تكرر المشهد نفسه فبعد وصولهم الى المكان المحدد تفاجئوا بالكم الهائل من الناس وعدد كبير من المهربين مختبئين مع كل مجموعة بمكان.

“في الساعة 2 بعد منتصف الليل قسمنا المهرب المسؤول على الرحلة الى 3 مجموعات، كنا المجموعة الاولى مؤلفة من 12 شخص وكانت اصغر مجموعة لكي ندخل اولا”، وتابعت (ن.ه) كلامها وقالت “دخل الشك قلبي سرنا أكثر من ساعة ونصف بين الحجارة الكبيرة والصغيرة والبساتين والأشواك حتى وصلنا للأسلاك وكان المهرب قد بعث معنا اثنين واحد دليل والآخر ليقطع الاسلاك”، بعدها دخلت الصحفية ودخل أثنان بعدها سمعوا صوت الجندرمة من بعيد ينادي عليهم وسلطو ضوء بجكتور كبير، ولكن الدليل التابع للمهرب طلب منهم ان متابعة السير وأكد لهم أنها العادة والدرك التركي لا يشاهدهم.

دخل جميع أفراد المجموعة بما فيها (ن.ه) وطلب منهم المرشد الركض بسرعة حوالي 50 متر فهي أخطر مسافة تشكل خطراً على العابرين. ولكن كان عبارة عن فخ نصبه المهربين للجميع أذ تفاجئوا بالدرك التركي وقام بتطويقهم.

وروت الصحفية اللحظات الاولى من اسرهم لدى الدرك التركي وقالت “تكلموا معنا بالتركي فجلسنا جمعيا في ذلك الظلام بين الحجارة الكبيرة بعد تطويقهم ألنا، عساكر مسلحين وكل عسكري صعد فوق حجرة وبداء أحدهم بتسليط ضوء مصباحه القوي في عيوننا ليعرفوا النساء من الرجال واحداً واحداً”، والجميع كان خائفاً ومرتعباً عندما شاهدوا عسكري وهو فوق حجرة كبيرة يضرب برجله التي كان يلبس فيها بوط عسكري بكل قوته على وجه شاب كان معهم في المجموعة بحسب (ن.ه). وبعدها ساعده عليه زميلين له وقاموا جميعهم بالضرب بأقدامهم، وقتها صرخت النساء بنفس الوقت قام عسكري آخر بمؤخرة بندقيته يضرب رقبة رجل كان يحمل طفلة بيده، فصرخت زوجته وغطت زوجها بجسدها فمنعه عسكري آخر واستمروا بضربه، وهكذا كانت المأساة مضاعفة والجميع تمنوا الموت لهذا الذل الذي يلاقيه السوريين.

وشرحت الصحفية (ن.ه) أن “الحفلة انتهت بصرخات الدرك التركي وطلب منا العودة وعدم القدوم مرة ثانية”، واضافت “امضينا ليلة ثالثة بالطرقات بعدها عدنا مرة ثانية الى ديريك من حيث قدومنا، ودعتني امرأة وابنتها الى بيتها لنرتاح بعد ان كادت الشمس تشرق”.

من كثرة التعب والارهاق لم تستطع الصحفية النوم او الراحة وبالها منشغل لإيجاد طريق للدخول، وعندما كانت تتحادث مع صاحبة المنزل قالت الأخيرة أنها تعرف مهرب آخر وأنها ستقوم بالاتصال به. المهرب الجددي والذي كان يدعى هوزان وأكدت أنه يتقاضى مبلغ 100 دولار.

أنها المرة الثالثة التي تحاول الصحفية العبور الى تركيا “تهريب” ويبدوا هذه المرة ان المهرب ذكي ولديه حنكة بالتعامل مع حرس الحدود، وبحسب (ن.ه) أن “المهرب قسمنا الى مجموعتين، مجموعة من عائلة مؤلفة من ست اشخاص، ونحن كنا 3″، فالمهرب تحايل على الدرك التركي عندما طلب من مجموعة الاقتراب من الاسلاك الفاصلة لكي يتسنى للمجموعة الثانية الدخول. وبالفعل حالف الحظ هذه المرة الصحفية وافراد المجموعة واجتازوا الاسلاك واسرعوا باتجاه نقطة كان المهرب قد حددها لهم، هناك شاهدوا الدليل الذي قام باصطحابهم الى مكان آمن.

وأنهت الصحفية (ن.ه) روايتها بالقول “ما تخيلت أنه كل ما قريته عن طرق التهريب ومعاناة المسافرين عبره، تكون بهذه الصورة، ما شاهدت خلال ثلاثة أيام لم اشاهده خلال حياتي ولا اتمنى معاودة الكرة مرة ثانية”.

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك