لهذا سبب زار كمال اللبواني اسرائيل !!!

آراء وقضايا 13 سبتمبر 2014 0
+ = -

د. كمال اللبواني: كلنا شركاء 

سمعت الكثير من الانتقادات التي وجهت لي بسبب زيارتي لإسرائيل، وهي في أغلبها مفهومة ومقبولة بل محقة من الجانب الذي نظرت منه للموضوع،  ويجب أن تسمع وتؤخذ بعين الاعتبار… لكن مناقشة موضوع الزيارة يمكن أن يتم أيضا خارج النظريات والأيديولوجيات، أي ضمن ميزان عام للضرورات والظروف، وتقييم إجمالي منطقي ومحسوب بدقة وعقلانية.. 

أولا الزيارة استطلاعية أكاديمية، شخصية وليست رسمية أو بالنيابة عن أحد، ضمن حالة الفراغ القانوني والسياسي في الدولة السورية الفاشلة أو لنقل الزائلة مع زوال حالة الاستقرار إلى غير رجعة للخريطة السياسية الحالية في الشرق الأوسط.. وضمن حالة خلط الأوراق الكبير الذي جعل جيش سوريا عرين الأسد يقتل شعبها ابناء القائد الرمز… مما شوش مفهوم الوطنية والنمط التقليدي للعداوات، والأهم أنها بسبب الحالة الحرجة والاستثنائية لمعظم الشعب الذي يعاني مما لا طاقة له عليه ويسألنا استكشاف مخارج وحلول لما هو فيه.

عادة أنا لا أهتم بالانتقادات تأتي من باب أيديولوجي، لأنه لي الحق في تبني أي أيديولوجيا أريد، ولست ملزما أو ملتزما بأحد.. فلي موقف واضح وصارم من النظام السوري لا يرى أي امكانية لأي حل سلمي من دون رحيل النظام بأي وسيلة كانت، ولي مواقفي المعروفة من المعارضة، ولي وجهة نظري المختلفة في التعامل مع الشعب اليهودي ودولة اسرائيل، ولي طريقتي المختلفة في خدمة القضية الفلسطينية التي هي جزء لا يتجزأ من قضية المنطقة ككل، والتي لا تتناقض مع رؤية منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية وعدد من الدول العربية… وهي موضوعات مطروحة على الفكر السياسي العربي منذ عقود وما تزال…  فالموقف والرأي السياسي حق طبيعي لا يُستجدى ولا أقبل مناقشة حق ابداء الرأي والتعبير، لأنني أمتلكه ممارسة، وهو ما جعل مني حرا في زمن الاستبداد الذي سجن جسدي فقط، وأنا أستطيع أن أفعل ما أنا مقتنع به، ولا أرضى غير ذلك… ولي الجرأة لأقوم به علنا ومن دون تورية ولا مجاملة… 

لكن هذا بالتأكيد لا يعفيني من ضرورة عدم التسبب بالضرر السياسي للقضية والشعب الذي أنتمي إليه وأكافح من أجله، وهذا يمكن نقاشه طويلا وتفصيلا بكل رحابة صدر وامتنان.  

وبالنظر لموقف النظام المخادع الذي يعلن شيء ويقوم بفعل عكسه من تحت الطاولة (يعلن شعار الممانعة والمقاومة للمشروع الصهيوني الامبريالي، ويحمي الحدود ويجري التفاهمات والتنسيق عمليا معهم)، وبالنظر لما مارسه هذا النظام بحق شعبه. فهو ساقط من حساباتي تماما، ولا يهمني رأيه ولا موقفه في ما أنا ذاهب إليه، بل إنني أميل لمعارضته في كل شيء كرها وحقدا.  فهو قد أسقط شرعيته بنفسه وسلوكه. 

وبالنظر لموقف المعارضة السورية المؤتلفة على مصالح أفرادها، ومصالح من وكلها ومولها ورتب شؤونها، وبسبب غيابها العملي عن القيادة والتمثيل الفعلي الصادق، ثم عدم التزامها بأي وثيقة وقعت عليها، أو بقواعد العمل المؤسسي، وسلوك قادتها المزاجي والشخصي، فهي أيضا قد حررتني من أي التزام أو مشاورات، ناهيك عن أنها تقوم بما قمت به وأكثر، ومنذ زمن لكن بشكل سري جبان، ولمصالح شخصية من دون مشروع وطني… 

بقي الرأي العام الذي يهمني وأتعمد مخاطبته وهو ما أحترم فيه ذكاءه وسرعة بديهته الملفتة للنظر، وهو من أتوجه إليه في خطابي هذا، ولا أحد سواه ممن لا يهمني موقفهم، بل أفضل أن ينتقدوني ويبتعدوا عني ما استطاعوا، لأنهم بنظري وبنظر الكثيرين مجرد شيء مقزز ينشر رائحة الفشل والفساد والتجيف أينما حل. 

لكل ما سبق… وبسبب الحال الذي عليه الثورة السورية، وتنامي ما يسمونه الارهاب على حسابها، وبالنظر لتغاضي المجتمع الدولي المقصود عن ارهاب النظام، وتركيزه على ارهاب المعارضة، كان لابد من العمل في هذا الصعيد، لتجنب انزلاق المجتمع الدولي والقوى الفاعلة جماعة نحو التعاون مع النظام، لضرب الارهاب! والمعارضة بالتالي، التي لم تستطع التمايز عنه، بدليل تحول الكثير من أبنائنا وثوارنا من الولاء لمؤسسات المعارضة للولاء لغيرها من المنظمات المتطرفة، والتي تصنف تباعا بأنها ارهابية، ذلك الذي الذي حدث بسبب هزالة وتفاهة المعارضة…

لذلك كان من واجبنا التواجد حيث يصنع القرار، ومع صانعيه، لتقديم أفكار وحلول لا تتناقض مع مصالح شعبنا واحتياجات العالم للأمن والسلام. ولقطع الطريق أمام تحالفهم مع النظام وايران، لأن بقاءنا وراء خطاب العداء التقليدي للغرب الذي تتمركز مصالحه وتتقاطع  مع دولة اسرائيل، هو ما سيضمن للنظام فرصة النجاة والبقاء وسحق الشعب، ويضمن لإيران التمدد والسيطرة تحت علم المشاركة في محاربة الارهاب، وهي استراتيجيتهم الوحيدة المتبقية بعد فشلهم العسكري في هزيمة الشعب السوري والعراقي واللبناني،  الذي طور أساليب قتال مذهلة في معركته، لكن بكل أسف سقطت تحت زعامة وقيادة الدولة الاسلامية بدل أن تكون منسجمة مع العصر ومخلصة للشعب، الذي فرض عليه رأس مزيف ومصطنع ومعطل هو الائتلاف، فقامت الدولة الاسلامية بما كان يفترض فيه القيام به، ونظمت وأدارت وعملت بشكل متكامل ومنهجي،  مما أظهر مدى قدرة وامكانية عدد محدود من شبابنا لو نظموا، وهو ما تلهت عنه المعارضة طيلة أربع سنوات من العقم والفساد والعته السياسي والاداري.

وعليه فإن وجودي في هذا المكان صحيح سياسيا، بل وضروري، ومن دون توافق دولي داعم للمعارضة المعتدلة التي تمثل الشعب، فالشعب إما يبقى مشردا أو يعود للخنوع والانتقام الحاقد من النظام، لأن الثورة ذاهبة لخسارة حتما إذا بقيت بقيادة الاسلام المتشدد، وهناك إطلاق لحلف دولي موحد بين شرقه وغربه على الحرب ضدها. 

ما نقوم به هو تشجيع موقف دولي داعم للشعب وقوى الاعتدال القادرة لو نظمت، وهذا يتطلب الاستثمار في الادارة والقيادة والتحكم، لذلك أطلب من الشعب أيضا تفهم الموقف واظهار رغبته، لأن رأي عام داعم مهم وضروري لإقناع الدول بفائدة مشاركة الشعب والاعتماد عليه، كلاعب أساسي يقوم هو بتنظيم أموره وملء الفراغ والتحرير والبناء المتلازم تباعا في المناطق، وبدءا من مناطق محددة يقدم لها كل الدعم العسكري والاداري والتنظيمي والمعيشي لتستعيد الحياة، ولتنطلق منها ديناميكية الحياة الوطنية، القادرة على فعل الكثير وأهمه اسقاط النظام والتغلب على ظاهرة الارهاب واستعادة أبناءنا من منظمات التطرف لحضن المجتمع المعتدل، بدل تركهم للموت بقصف الطيران الدولي والحصار الرهيب أو التشتت في أصقاع العالم حيث الدول الفاشلة ومناطق الحروب… وهذا الهدف النبيل يستحق منا تجاوز الشكليات التي تأسرنا وتمنعنا من التواجد حيث يجب وحيث يفيد، والذي يعطينا أفضلية على النظام وقبول دولي يفوق القبول به … 

فالشعب المحاصر والمشرد، والمقاتلين العراة، يستحقون منا أن نقدم لهم ما يحتاجونه من برامج وسياسات تدعم امكانات وفرص حقيقية لكسب المعركة…  لا أن نخدرهم بالوعود الكاذبة والشعارات الرنانة والمزاودات والخطابات ثم نسرق قوتهم ونبيع دماء شهداءهم في صفقات مشبوهة مع قاتلهم.. 

هناك مقاربات عديدة عسكرية وأمنية لضرب الارهاب وهناك وجهة نظر عقلانية ترى ضرورة معالجة هذه الظاهرة بشكل حكيم يسمح باستعادة الشبان من جبهة التطرف إلى جبهة الاعتدال بدل ملاحقتهم وقتلهم، إذا فهمنا الظروف والأسباب التي دفعتهم لذلك وهذا موضوع يهمنا كثيرا بالنظر لوجود السوريين والعرب الذي جاؤوا لمساعدة الشعب السوري بنوايا حسنة لكن بوسائل غير مقبولة … وعليه فالعمل ليس عسكري فقط وليس للقتل والقصف… بل بناء وتطوير واحترام حقوق وكرامة الشعوب.. وعدم دفعها لليأس. 

فالحملة الدولية على الارهاب التي ستنطلق حتما وقريبا، وهي عسكرية سياسية اقتصادية شاملة، لو تمت من دون تواجدنا ومشاركتنا في تصميمها ووضع وسائلها وأهدافها، ستكون حتما في خدمة النظام الذي أعلن مباركته ومشاركته سلفا وهو ما خطط له مسبقا وهي بالنسبة له حبل النجاة… وهو ما استوجب مني أن أفعل ما أفعل لقطع الطريق عليه، وبإمكانات محدودة وبسيطة، لكن بالتعاون والتنسيق والتشاور الدائم مع شريحة واسعة من الشعب الثائر.. ومع ادراكي أن هذا العمل ليس فيه بطولة ولا مجد بل ضرورة موجبة وواجب ثقيل وتحمل للمسؤولية في أقسى وأصعب الظروف، والله أعلم بالنوايا .. 

 

 

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك