مؤتمر جنيف لن يعقد وان عقد لن ينجح.. الجميع في ازمة.. ورفض السعودية لمشاركة ايران واصرار الاسد على الترشح خلطا الاوراق

آراء وقضايا 22 يناير 2014 0
+ = -

بقلم عبد الباري عطوان/

لم نكن في اي يوم من الايام من المتفائلين بانعقاد مؤتمر جنيف 2 او بامكانية نجاحه في التوصل الى حل سياسي للازمة السورية، بسبب الهوة الواسعة بين مواقف الاطراف السورية، في السلطة او المعارضة، والتدخلات الاقليمية والدولية في هذه الازمة.

تطوران مهمان وقعا في الاربعة والعشرين ساعة الماضية اضافا تعقيدات جديدة بددت الامال الضئيلة اساسا حول التئام المؤتمر في موعده يوم الاربعاء المقبل.

*الاول: توجيه الامين العام للامم المتحدة با كي مون دعوة مفاجئة، وبعد تردد طويل، الى ايران للمشاركة في المؤتمر غير مرتبطة بأي شروط مسبقة، ورفض المملكة العربية السعودية لهذه الخطوة ومعها الائتلاف الوطني السوري الخاضع لهيمنتها.

*الثاني: الحديث الذي ادلى به الرئيس السوري بشار الاسد لوكالة الصحافة الفرنسية، وبثته اليوم، واكد فيه على عزمه خوض انتخابات الرئاسة في الصيف المقبل، واصراره على القتال حتى اللحظة الاخيرة دفاعا عن سورية، على حد قوله، ورفضه القبول بأي وزير من الائتلاف الوطني المعارض في الحكومة الانتقالية المقترحة، ووصفه هذا الائتلاف بـ “العمالة” لجهات خارجية والسعودية وقطر على وجه الخصوص.

لا نعتقد ان الائتلاف السوري في وضع يؤهله لتوجيه انذارات الى الامم المتحدة وامينها العام لسحب دعوتها لايران لان هذه الدعوة ما كانت توجه الا بعد توافق امريكي روسي وبعد الكثير من المداولات والمناقشات، اللهم الا اذا كان يبحث عن ذريعة لعدم الذهاب الى سويسرا، وتبع ذلك تراجع امريكا ومطالبتها للامين العام للامم المتحدة سحب الدعوة لايران.

***

هذا التراجع الامريكي اذا كان جديا فعلا فقد يؤدي الى انهيار التفاهم الروسي الامريكي حول المؤتمر واتفاق النظام السوري مع حليفه الايراني والامتناع عن الحضور، الامر الذي سيؤدي الى كارثة بالنسبة للمؤتمر الواقع على الارض ايضا.

الائتلاف السوري يصر على ان نتيجة مؤتمر جنيف تنحي الرئيس الاسد والاخير يريد قرارا بمحاربة الارهاب، في سورية، والضغط على الدولة الداعمة والممولة والمسلحة له، لوقف هذا الدعم والتسليح، وهذا يعني ان الهوة واسعة بين الطرفين ومن الصعب، ان لم يكن، من المستحيل تجسيرها.

امين عام الامم المتحدة محق في توجيه الدعوة غير المشروطة الى ايران لحضور مؤتمر جنيف، فهي دولة اقليمية مهمة، ويقاتل حلفاؤها خاصة حزب الله، وكتائب العباس والحرس الثوري على الارض السورية، وتخوض حربا بالنيابة ضد المملكة العربية السعودية، وليس من المنطق ان تدعى خصمها السعودية بينما يتم تجاهلها “بفيتو” سعودي.

السعودية تورطت في مستنقع الدم السوري، وقد تكون دولة قطر غريمتها التقليدية، او الازلية، لعبت دورا مباشرا في هذا التوريط، سواء عن قصد او بدون قصد، فالسلطات السعودية لم ترشح مطلقا لاخذ قطر دور الصدارة في هذه الازمة، والظهور بمظهر الدفاع عن السنة في سورية، والتفرد بتشكيل قيادة المعارضة السورية، وفرضها كممثل لقطاع عريض من الشعب السوري.

وعندما يبدأ قطاعا من الشعب السعودي في معارضة هذا التورط، لتكاليفه الباهظة بشريا وماديا، ويشن الاعلام السعودي حملة شرسة ضد العلماء البارزين الذين يحرضون الشباب على الجهاد في سورية، فان هذا يضع السلطات السعودية في مأزق حرج للغاية، ويطرح العديد من علامات الاستفهام حول مدى حكمة قرارها هذا.

الحل السياسي هو عجلة الانقاذ الوحيدة للخروج من هذا المأزق، وتقليص الخسائر، ووقف سفك دماء السوريين، ولكن هذا الحل بات مستحيلا في ظل حالة العناء السائدة في اوساط كل الاطراف السورية وغير السورية المتقاتلة على الارض.

***

السعودية باتت تلعب الآن دور جبهة الصمود والتصدي، ولكن في الاتجاه المعاكس، مثلما قال لي وزير خارجية عربي، وهو دور مفاجيء وغير متوقع، وفي التوقيت الخطأ، فاذا كانت امريكا قررت تصحيح خطأها بالابتعاد عن اي تورط عسكري وفتحت حوارا مع ايران، وتراجعت عن ضربة للنظام السوري، وبدأت تركيا تجري مراجعات لسياساتها بعد ثلاث سنوات من دعم المعارضة سياسيا وعسكريا، فان السعودية يجب ان تجري مراجعة مماثلة، وتدعم الحل السياسي، وتوفر فرص الانعقاد، ومن ثم الحوار في جنيف.

قلناها ونكررها، بان تنحي النظام بعد ثلاث سنوات من القتال، وتوقف الانشقاقات في صفوفه عسكريا ودبلوماسيا، واستمرار حلفائه في دعمه والحيلولة دون سقوطه عوامل تتطلب القبول بحلول وسط، كمرحلة لالتقاط الانفاس على الاقل، لان الضحايا في الجانبين هم سوريون بدرجة اكبر وعرب ومسلمين بدرجة اقل.

النظام فشل في سحق المعارضة مثلما كان يتصور، والمعارضة عجزت عن اسقاط النظام، والجماعات الجهادية التي تتحمل العبء الاكبر في القتال تواجه تحالفا قويا من الروس والامريكان ضدها ومشروعها في اقامة دولة اسلامية تطبق الشريعة الاسلامية على الارض السورية، ومن المتوقع ان تشهد المرحلة اللاحقة لمؤتمر جنيف، سواء انعقد او لم ينعقد، حربا شرسة ضدها وليس ضد النظام من قبل “الصحوات السورية”، لان تصفيتها باتت هي الاولوية، ومن هنا تنبع ثقة الاسد بنفسه، والارتياح البادي عليه، ولاحظته وكالة الصحافة الفرنسية التي اجرت اللقاء معه.

الرئيس الاسد “مسكوت” عنه في الوقت الراهن على الاقل، بينما ستكون المعارضة المسلحة “ضحية” صفقات ستتم على حسابها، والشعب السوري من خلفها وامامها، سواء انعقد مؤتمر جنيف او لم ينعقد، واكبر خطأ يرتكبه الاعلام العربي هو بيع الوهم، ومحاولة التضليل وطمس الحقائق مثلما فعل قي بداية الازمة.

اذا كان المؤتمر يبدأ بمثل هذه الخلافات والصدامات بين القوتين العظميين وفوقهما الامم المتحدة ويشرف على الانهيار بسبب دعوة دولة، فكيف سيحل ازمة في قمة التعقيد مثل الازمة السورية؟.. المقدمات السيئة تؤدي الى نتائج اكثر سوءا، وكان الله في عون الشعب السوري.

آخر التحديثات
  • تابعونا على الفيسبوك

  • أتبعني على تويتر