ماهي اثر كورونا على المرأة ؟

المراة و المجتمع 28 مايو 2020 0
ماهي اثر كورونا على المرأة ؟
+ = -

كوردستريت ||| المجتمع 

شهد معظمنا حتى الآن على نحو مباشر كيف يؤثر فيروس كورونا على حياتنا، وعلى قدرتنا على مغادرة المنزل أو الذهاب إلى العمل أو المدرسة أو الحصول على الخدمات العامة. وأيًا ما كان الأمر، تختلف هذه الآثار من شخص لآخر ومن رجل لأمرة. وقد أظهرت الأوبئة السابقة، مثل الإيدز وسارس و إنفلونزا الخنازير وإيبولا، أن الأكثر ضعفاً وتعرضًا للأخطار سواء البلدان أو المجتمعات المحلية أو الأسر المعيشية أو الأشخاص هم ما يتحملون العبء الأكبر في الغالب. ونود لفت الانتباه إلى إحدى هذه الشرائح: النساء والفتيات.

فقد تؤدي الفجوات القائمة بين الجنسين إلى زيادة الآثار السلبية لكورونا على النساء. وواقع الحال هناك مخاطر كبيرة تتمثل في زيادة عدم المساواة بين الجنسين أثناء هذه الجائحة وبعدها، وحدوث انتكاسة في المكاسب التي تحققت للنساء والفتيات والمتمثلة في تراكم رأس المال البشري، والتمكين الاقتصادي، والقدرة على التعبير، والولاية على النفس الاستقلالية، سيما وأن هذه المكاسب قد تحققت بشق الأنفس على مدى عشرات السنين. وحتى يتسنى صياغة سياسات تراعي الفوارق بين الجنسين، من المهم فهم كيف تؤثر جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية الناجمة عنها على نواتج المساواة بين الجنسين. وقد تم توضيح ذلك في الشكل 1 الذي يبين محاور التركيز الثلاثة لاستراتيجية مجموعة البنك الدولي بشأن المساواة بين الجنسين – الظروف الاقتصادية والموارد/القدرات (الصحة والتعليم) والولاية على النفس والاستقلالية.

الشكل 1: كيف تؤثر كورونا على نواتج المساواة بين الجنسين

الصورة
كيف تؤثر كورونا على نواتج المساواة بين الجنسين
أولاً، لنتناول بيعن الاعتبار الآثار الاقتصادية لجائحة كورونا. ففي جميع أنحاء العالم، يعمل الرجال والنساء في الغالب في صناعات مختلفة. وقد تضررت النساء العاملات في وظائف قطاع الخدمات بشدة من جراء هذه الجائحة على نحو غير متناسب. على سبيل المثال، علينا أن نفكر في موظفات الاستقبال والإشراف الداخلي ومضيفات الطيران والعاملات في المطاعم ومصففات الشعر والعمالة المنزلية، إلخ، كما أن هناك بعض الوظائف في مجال التصنيع تتسم بزيادة العنصر النسائي فيها. فعلى سبيل المثال، يعمل حوالي نصف النساء العاملات في بنغلاديش في صناعة المنسوجات أو صناعة الملابس الجاهزة. وقد تم بالفعل إبقاء ملايين من عمال الملابس، ومعظمهم من النساء، في منازلهم دون أجر بسبب كورونا.

وهناك نقطة أخرى يجب وضعها في الاعتبار، خاصة في البلدان المنخفضة الدخل، وهي أن العديد من النساء يعملن في وظائف غير رسمية، وبالتالي لا تشملهن خطط الحماية الاجتماعية مثل التأمين ضد البطالة. ومن شأن ارتفاع معدل وفيات الذكور بسبب كورونا إجبار النساء المتخلفات عن الركب على السعي للحصول على الحماية الاجتماعية أو تأمين دخل آخر لأسرهن.

كما يوجد توزيع غير متكافئ لأعمال رعاية الأسرة بين الرجال والنساء. ففي الأوقات المعتادة، تتحمل النساء والفتيات مسؤولية رعاية الأسرة والمنزل بسبب التقاليد الاجتماعية (انظر الشكل 2). وهن يتحملن الآن على الأرجح الزيادة في مسؤوليات أعمال الرعاية الناجمة عن إغلاق المدارس، وعزل كبار السن، والأعداد المتزايدة لأفراد الأسرة المرضى. وهناك مخاطر كبيرة تتمثل في دفع هذه الظروف العديد من النساء في جميع أنحاء العالم إلى ترك وظائفهن، وخاصة تلك التي لا يمكن القيام بها عن بعد، مع آثار سلبية محتملة طويلة الأمد على مشاركة الإناث في القوى العاملة.

الشكل 2: تحمل المرأة لعبء أعمال الرعاية الأسرية

الصورة
نسبة الإناث إلى الذكور فيما يتعلق بالوقت المستغرق في أعمال منزلية وأنشطة رعاية وتطوع غير مدفوعة الأجر في مدة 24 ساعة
المصدر: إحصاءات منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ملحوظة: NA: أمريكا الشمالية، EU: الاتحاد الأوروبي، LAC: أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، EAP: شرق آسيا والمحيط الهادئ، SSA: أفريقيا جنوب الصحراء، MENA: الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، SA: منطقة جنوب
والآن لننظر إلى الآثار الصحية لهذه الجائحة حيث تؤثر كورونا على موارد وقدرات النساء والرجال على نحو مختلف. وتشير تقارير عديدة إلى زيادة تعرض الرجال لمخاطر الوفاة بسبب كورونا مقارنة بالنساء. وأسباب ذلك غير مفهومة بصورة تامة، لكن الأدلة تشير إلى مجموعة من العوامل البيولوجية والسلوكية. فعلى الرغم من أن ذلك يبين “قابلية تأثر الذكور بالفيروس” بصورة كبيرة، نجد أن النساء والفتيات لديهن أيضًا جوانب ضعف صحية في مواجهة هذه الجائحة.

وبسبب أدوارهن في أنشطة الرعاية داخل المنزل وخارجه، تتعرض النساء على نحو غير متناسب للإصابة بكورونا. وعلى الصعيد العالمي، تشكل النساء 88% من العاملين في مجال الرعاية الشخصية و 69% من الأخصائيين الصحيين. وهذه وظائف في الخطوط الأمامية وتستلزم مخالطة المرضى ولا يمكن القيام بها من المنزل. وفي إسبانيا، على سبيل المثال، تبلغ نسبة الإناث بين العاملين في مجال الرعاية الصحية المصابين 71.8% مقابل 28.2% من الذكور.

ويمكن أن يمثل تحويل الموارد العامة للتصدي لحالات طوارئ الصحة العامة مخاطر على خدمات الصحة الجنسية والإنجابية وصحة الأم، لا سيما عندما تكون موارد الأنظمة الصحية مقيدة بشدة. وخلال أزمتي إيبولا وسارس السابقتين، أشارت التقارير إلى زيادة في معدلات وفيات الأمهات، وقد كان السبب في ذلك إلى حد ما ضيق سبل الوصول إلى الخدمات الصحية والخوف من العدوى في عنابر الولادة. وعلى غرار ذلك، قد تؤدي القيود المفروضة على توفير خدمات الصحة الإنجابية إلى زيادة حالات الحمل غير المرغوب فيه، خاصة بين المراهقات.

الشكل 3: زيادة عدد النساء على عدد الرجال الذين يعملون في الخطوط الأمامية

الصورة
زيادة عدد النساء على عدد الرجال الذين يعملون في الخطوط الأمامية
المصدر: إحصاءات منظمة العمل الدولية
وفي نهاية المطاف، ستتأثر ولاية المرأة على نفسها واستقلاليتها سلبًا. ويتمثل أحد الأمثلة الفجة على ذلك في العنف ضد المرأة. وأدت التقاليد المحافظة وانعدام اليقين بشأن الأحوال الاقتصادية والتوتر والشعور بالضيق بسبب تدابير العزل وتعطل الخدمات بالفعل إلى زيادة مزعجة في معدلات العنف المنزلي في البلدان المتضررة من كورونا، مما دفع الأمين العام للأمم المتحدة إلى توجيه دعوة عاجلة لجعل منع العنف ضد النساء جزء أساسي من خطط الاستجابة الوطنية (على سبيل المثال، توفير الملاجئ كخدمات أساسية، ووضع أنظمة إنذار في الصيدليات ومحلات البقالة، وإخضاع المنتهكين للملاحقة القضائية).

ما أثر ذلك وما دورنا؟ علينا بناء قاعدة أدلة وشواهد لوضع السياسات ذات الصلة، من خلال تحديد المخاطر الحالية، وجمع البيانات المهمة والمتواترة بشأن أثر كورونا على المرأة، وضمان أن تعمل جهود الاستجابة على مستوى السياسات والإجراءات التدخلية ذات الصلة على الوفاء باحتياجات كل من الذكور والإناث على حد سواء (قمنا بتلخيص بعض من هذه التوصيات في هذه الوثيقة). ونظرًا لأن أثر فيروس كورونا أكبر على النساء، علينا أن نراعي ذلك.

مواقع الكترونية

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك