معركة الاكراد من أجل كوباني توحد شعبا قسمته الدول

ملفات ساخنة 01 نوفمبر 2014 0
+ = -

كوردستريت/هام

اصطف الآلاف وهم يتّشحون بالإعلام الكردية في شوارع أربيل لتشجيع قافلة عسكرية متّجهة إلى بلدة سورية حدودية لم يكن إسمها شائعاً من قبل، بيد انها الآن أصبحت محور حرب عالمية ضد تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام”-“داعش”.
كان رجال قوات “البشمركة” العراقية في طريقهم إلى مساندة إخوانهم الأكراد في الدفاع عن عين العرب (كوباني) السورية في معركة اكتسبت أهمية كبيرة في الحملة التي تقودها الولايات المتحدة “لإضعاف وتدمير” التنظيم الإسلامي المتشدّد.
ولم يتّضح ما إذا كانت فرقة “البشمركة” الصغيرة هذه، والمسلّحة جيداً، ستكون قادرة على تغيير ميزان المعركة، لكن إرسال هذه القوات العراقية إلى ساحة المعركة هو إبراز لوحدة الجماعات الكردية، التي حرصت، في أحيان كثيرة، على إضعاف بعضها البعض.
تشكّلت هذه الجبهة المتّحدة بعدما ظهر الأكراد كأهم شريك يثق فيه الغرب وله فاعلية على الأرض في كل من العراق وسوريا.
لكن الحفاظ على هذه الوحدة قد يكون صعباً نظراً للتنافس على زعامة أكراد العالم الذين يزيد عددهم عن 30 مليوناً غالبيتهم مسلمون، لكنّهم يميلون إلى تحديد هويتهم على أساس العرق لا الدين.
وعمدت حكومات الدول الأربع التي يتوزّع فيها الأكراد، وهي العراق وسوريا وتركيا وإيران، إلى استغلال التناحرات الكردية الداخلية لإجهاض تطلّعهم إلى الاستقلال.
يقول أيوب شيخو (33 عاماً)، الذي فرّ من عين العرب الشهر الماضي ويعيش الآن في تجمّع للخيام نصبت مؤخراً في معسكر للاجئين في إقليم كردستان العراق: “كلنا نريد للشعب الكردي أن يتحد. إذا لم نتحد سيدوسنا الجميع”.
أما كبير الأمناء في مكتب رئيس كردستان العراق فؤاد حسين، فيرى أن “داعش” أسقطت الحدود، معتبراً أنها “نفس المنظمة الإرهابية التي تهاجم خانقين وجلولاء في الموصل وكركوك (العراقيتين) وأيضاً عين العرب (السورية) وهذا ولّد شعوراً بالتضامن بين الأكراد”.

^الهوية الوطنية
يبرز إرسال “البشمركة” العراقية إلى عين العرب السورية مستوىً من التعاون غير مسبوق تجلّى بين الجماعات الكردية متخطياً الحدود، بعدما اجتاح “داعش” ثلث أراضي العراق هذا الصيف، وأعلن قيام “الخلافة الإسلامية” في المناطق التي سيطر عليها هناك والمناطق التي سيطر عليها في سوريا، مسقطاّ الحدود.
وحين استهدف “داعش” كردستان العراق في آب الماضي، هبط مقاتلون من “حزب العمال الكردستاني” التركي من قواعدهم في الجبال الواقعة على الحدود التركية العراقية للمساعدة في صدّ الهجوم.
وفي نفس الوقت تقريباً، عبر مقاتلون من جماعة كردية سورية بزغ نجمها خلال الحرب الأهلية في سوريا، “وحدات حماية الشعب”، الحدود ودخلوا العراق لإنقاذ آلاف من الأقلية الأيزيدية من الموت على أيدي مقاتلي التنظيم الإسلامي المتشدد الذي اخترق دفاعات “البشمركة” العراقية. كما حارب أيضاً أكراد إيران إلى جانب قوات “البشمركة” العراقية داخل إقليم كردستان العراق.
ومن ناحيته، يرى المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية هنري باركي، الذي يدرس الآن في جامعة “ليهاي” الأميركية، ان “الأكراد الآن متّحدون أكثر من أي وقت وحتى لو تراجعوا بضع خطوات سيظل وضعهم أفضل مما كانوا عليه قبل ستة أشهر. خلاصة كل هذا هو تعزيز الهوية الوطنية الكردية”.

^ضغوط في الداخل
إذا قُدّر لعين العرب أن تسقط، يقول المسؤولون في كردستان العراق إنهم يخشون من سقوط متتابع لمنطقتين كرديتين أخريين في سوريا، وهو ما سيؤدي إلى موجة نزوح جديدة للاجئين إلى أراضي الإقليم العراقي شبه المستقل الذي يُجاهد بالفعل لاستضافة أكثر من مليون نازح شرّدهم العنف داخل العراق.
كما سيرفع سقوط المدينة من الروح المعنوية لمقاتلي “داعش” في العراق، حيث بدأت قوات “البشمركة” تكسب أرضاً في الشمال منذ أن بدأت الولايات المتّحدة تشنّ غارات جوية في آب الماضي. ورغم ذلك يتساءل البعض لماذا تحارب قوات “البشمركة” في الخارج، وهي لا تزال تعاني ضغوطاً في الداخل وعليها أن تستعيد كل هذه الأراضي التي فقدت السيطرة عليها.
لقد اتخذ قرار دعم عين العرب تحت ضغط شعبي شديد من أكراد العالم. وأحبط “حزب الاتحاد الديموقراطي” السوري- الجناح السياسي لوحدات “حماية الشعب” محاولات البرزاني المتكرّرة لمد نفوذه عبر الحدود إلى داخل الأراضي السورية. وبدت الأحزاب الكردية السورية الأخرى المنافسة لـ”حزب الاتحاد الديموقراطي”، والتي يدعمها البرزاني خارج السياق.
من جهتها، عقدت الحكومة الأميركية أول اجتماع معلن لها مع “حزب الاتحاد الديموقراطي” في تشرين الأول. وقالت “وحدات حماية الشعب” إنها تنسّق الغارات الجوية مع الجيش الأميركي خلال حملة عين العرب.
لكن العلاقات بين الأكراد العراقيين والسوريين حساسة. فبعدما تدرّب مئات الأكراد السوريين تحت رعاية البرزاني في شمال العراق رفض “الاتحاد الديموقراطي” السماح لهم بالعودة إلى سوريا، قائلاً إن جناحه العسكري، “حماية الشعب”، هو القوة المسلّحة المشروعة الوحيدة وفي المقابل، منع زعماء “الاتحاد الديموقراطي” من دخول كردستان العراق. وفي وقت سابق من العام حفرت حكومة الإقليم خندقاً بطول الحدود مع سوريا قائلة إنها تخشى تسلل مقاتلي “داعش”. لكن “الاتحاد الديموقراطي”، قال إن هذه محاولة واضحة لإحباط إدارته الناشئة التي لم يعترف بها أكراد العراق رسمياً إلا الشهر الحالي فقط.
لكن في مؤشر آخر مفاجئ على الوحدة، أبرم “الاتحاد الديموقراطي”، الذي يقول البعض إن علاقته بـ”حزب العمال الكردستاني” التركي تشوّه سمعته، اتفاقاً لاقتسام السلطة مع فصائل سورية أخرى، الأسبوع الماضي، في خطوة تهدف في جانب منها على الأقل إلى تحسين صورته في الخارج.

^القائد العام
مع مغادرة قوات “البشمركة” أراضي كردستان العراق في طريقها إلى تركيا للوصول إلى عين العرب السورية رفع الأكراد صور البرزاني ووالده الملا مصطفى البرزاني الزعيم الوطني الكردي. وسجد البعض في الطريق. وبقرار البرزاني إرسال قوات “البشمركة”، وهو أيضاً قائدها العام، إلى عين العرب، عزّز رئيس كردستان العراق صورته كزعيم وطني للأكراد وكمتحاور باسمهم مع الغرب.
وقال عضو رفيع المستوى في حزب كردي عراقي منافس إن هذه الخطوة ستزيد من شعبية البرزاني بعد انتكاسات تعرّض لها في ميدان المعارك هذا الصيف، وستصلح بعض الأضرار السياسية لما يُعتقد أنه اعتماد زائد من جانبه على تركيا التي خذلت الأكراد وقت الشدة.
وتركيا هي من أقرب حلفاء كردستان العراق السياسيين والاقتصاديين، لكن أنقرة تخشى من أن يحذو أكراد سوريا حذو أكراد العراق ويعلنون قيام دولة مستقلة في شمال سوريا وأن يشجع ذلك بدوره الأكراد الأتراك ويُخرّج عملية سلام متعثرة عن مسارها.
وأغضب عزوف أنقرة عن الانضمام إلى الحرب الدائرة ضد “داعش” عبر حدودها في سوريا، الأقلية الكردية التركية وعقد جهود تقديم الدعم لعين العرب وجعل المفاوضات الخاصة بالسماح لقوات “البشمركة” بالمرور عبر الأراضي التركية حسّاسة ومعقّدة.
وترى محلّلة شؤون العراق لدى مجموعة “الأزمات الدولية” ماريا فانتابي أن صلة الجماعات المتناحرة بقوى إقليمية مختلفة يشكّل خطراً على وحدة الأكراد.
وتقول: “أرى هذا مجرد تلاق مؤقت للمصالح لا اتحاداً دائماً. فإلى جانب الخلافات العقائدية بين الحزب الديمقراطي الكردستاني (حزب البرزاني) وحزب الاتحاد الديموقراطي، فان العلاقات الإقليمية التي تربط الأول بتركيا والثاني بإيران تظل هي أكبر عقبة أمام تشكيل جبهة كردية موحّدة”.

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك