ملاحظات قانونية على مشروع قانون ادارة وحماية املاك الغائبين والمهجرين المزمع طرحه ومناقشته في مقاطعة عفرين

آراء وقضايا 14 يناير 2016 0
ملاحظات قانونية على مشروع قانون ادارة وحماية املاك الغائبين والمهجرين المزمع طرحه ومناقشته في مقاطعة عفرين
+ = -

((الدفاع عن الارض وحمايته لايمكن له بان يكون حجةً مبرراً لاغتصاب تلك الارض والاستيلاء عليه فيما بعد…..كما ان الدفاع عن العرض لايمكن ان يشرعن الاعتداء عليه وانتهاكه فيما بعد ولايمكن تسمية ذاك التصرف الا بالاعتداء على المحرمات))

.
بداية وقبل الخوض في مناقشة مشروع القانون لابد من التنويه بان جميع القوانين التي تصدر عن المجلس التشريعي المؤقت هي قوانين لاتتمتع بصفتي الشرعية والديمومة ذلك لصدورها عن جهة(سلطة) مؤقتة وغير شرعية (المجلس التشريعي المؤقت) لانها غير منتخبة من الشعب وتنحصر مهمتها في الاعداد للانتخابات بغية انتخاب مجلس تشريعي من قبل الشعب وفق الية الانتخاب المباشر من قبله دون امتلاكها لسلطة وصلاحية اصدار القوانين وذلك كما جاء في العقد الاجتماعي المنظم لعمل الادارة الذاتية

.
والمشرع حينما يشرع اي قانون لابد له بان يوضح الاسباب الموجبة لذلك اي الضرورات التي تقتتضي اصداره وتلك الاسباب تعتبر جزء لايتجزأ من القانون نفسه ويجب ان تكون متناغمة ومنسجمة مع مواده اضافة ان كل القوانين في العالم تصاغ وتشرع من اجل تنظيم حياة المجتمع وحماية المصلحة العامة وصيانة وحماية حقوق الافراد وبث الطمأنينة في نفوسهم مستهدفة في ذلك احداث نوع من التلاحم والتقارب بين المجتمع والسلطة الحاكمة وزيادة الثقة فيما بينهما حتى يكون سهل التطبيق ويحظى بالاحترام لا ان يكون سبباً في احداث نوع من الشرخ وازدياد الهوة بينهم وان لايكون اعتباطياً وغير مسؤول

.
– وبالعودة الى الاسباب الموجبة لهذا القانون وكما ورد في مقدمته والذي ينص(من اجل الحفاظ على اموال واملاك الغائبين والمهاجرين من العبث والاستباحة ووضعها في خدمة تنمية المجتمع وسكان الادارة الذاتية بعد استفحال ظاهرة الاستيلاء على اموال الغائبين والمهاجرين فقد تقرر سن هذا القانون)

.
* اولا الاسباب الموجبة هذه تقلل من هيبة السلطة الحاكمة وتؤكد على عدم استطاعتها حماية املاك واموال الناس طالما هناك تفشي لظاهرة العبث والاستيلاء على املاك الناس وتطعن في ادعائها بانها تبسط سلطة القانون على مناطق الادارة الذاتية

.
* ثانياً حماية اموال واملاك الناس لاتكون من خلال الاستيلاء عليها واغتصابها من قبل السلطة وانما من خلال سن قوانين تكون رادعة لمن يعتدي على ملكية الناس وفرض هيبة الدولة وبسط سلطة القانون

.
* ثالثاً لايوجد في كل انظمة العالم قوانين تحت مسمى ادارة اموال واملاك الغائبين ولايوجد الحاجة لسن هكذا قوانين لانه من غير المعقول وجود اموال واملاك سائبة لامالك ولا وكيل لها لادارة شؤونها الا في نظام البعث كان هناك قانون ادارة شؤون املاك اليهود بعد تهجيرهم من سوريا وقانون مصادرة املاك المنتمين للاخوان المسلمين ومن غير المعقول لسلطة تسمي نفسها بالادارة الديمقراطية تقليد نظام شمولي ومستبد والسير على خطاه واستنساخ قوانيه الجائرة

.
* القانون هو انتهاك لحق الملكية والذي هو حق مقدس وفقا لجميع القوانين والشرائع بما في ذلك العقد الاجتماعي ولايجوز المس به ويتناقض مع نص المادة الثانية والاربعون من العقد الاجتماعي الذي يشرعن وجود الادارة والتي تنص(للجميع حق التملك والملكية الخاصة مصانة ولايحرم احد من التصرف بملكه الا وفق القانون ولاينزع منه الا لاغراض المنفعة العامة بشرط تعويضه تعويضاً عادلاً حال رفع يده عن ملكه)) وبالتالي يعتبر هذا القانون باطلا لمخالفته الصريحة لنصوص ومواد العقد الاجتماعي والذي هو بمثابة الدستور

.
=في مناقشة مواد مشروع القانون=

.
*المادة الاولى(المهاجر والغائب هو المواطن الذي يحمل الجنسية السورية وغادر المقاطعة لاحدى الدول بقصد الاقامة الدائمة ولم يترك احد الاقارب من الدرجة الاولى والثانية)

.
هذه المادة تؤكد اولا تبعية المقاطعة للجمهورية السورية والتي لها نتائج واثار قانونية سوف اسردها بخصوص مواد اخرى…ثانيا لم يوضح القانون المقصود بالقرابة هل هي قرابة مباشرة ام قرابة الحواشي ام قرابة المصاهرة لان درجة قرابة اقرباء الزوجة هي نفس درجة قرابة الزوجة بهم اي ان والد الزوجة يعتبر قريب من الدرجة الاولى للزوج وكذلك اخ الزوجة يعتبر قريب من الدرجة الثانية للزوج وفقا لقرابة المصاهرة

.
ثالثاً:من هم الاقارب من الدرجة الاولى والثانية وفقا للقانون ؟؟؟؟؟
الاقارب من الدرجة الاولى هم(الاب والام والاولاد) والاقارب من الدرجة الثانية هم ( الجد والجدة والاخوة والاخوات والاحفاد)
وبالنظر الى قائمة الاقرباء تلك نجد انه نادرا ماتجد غائباً ليس له احد من هؤلاء الاقرباء في المقاطعة وبالتالي تنتفي الفائدة المرجوة من سن هكذا قانون
* المادة الثانية ( يشمل هذا القانون كل المغادرين اراضي مقاطعة عفرين بقصد الهجرة والاقامة الدائمة في دولة اخرى من تاريخ اعلان الادارة الذاتية الديمقراطية)

.
اذا يسري مفعول وسريان هذا القانون على المهاجرين من المقاطعة بعد الاعلان عن الادارة الذاتية فقط دون ان يشمل من هاجرها قبل ذلك ولو باشهر او ايام وهذا يتناقض مع طبيعة القوانين التي تتصف بالعمومية والشمولية من جهة ومن جهة اخرى يشتم منه رائحة سياسية ذات صبغة عقابية لمن لم يستطع التأقلم مع هذه الادارة وفضل هجرها على العيش في كنفها ويشير ضمناً الى المختلفين سياسيا مع هذه الادارة وبالتالي يعتبر قانونا عنصريا لانه يميز بين المواطنين تبعا لتوجهاتهم السياسية ….ناهيك عن صعوبة تحديد تاريخ هجرة الغائب للمقاطعة بدقة لبيان شموله بهذا القانون او لا خاصة ان اغلب الغائبين غادروها بطرق غير شرعية وليس لديهم وثائق تثبت تواريخ مغادرتهم

.
* المادة الثالثة (يعد المغادر غائبا ومهاجراً اذا غاب وهاجر دون عذر مشروع سنة كاملة تبدا من تاريخ مغادرته المقاطعة)

.
هذه المادة مبهمة ومطاطية وغير واضحة وقابلة للتأويل والتفسير لاكثر من معنى الامر الذي يفقد قيمتها القانونية اضافة انها لاتتضمن معايير وضوابط قانونية محددة لتطبيقها بشكل عادل لامكانية خضوع تطبيقها لامزجة واهواء من هو مكلف بتطبيقها من ناحية تحديد ماهية العذر المشروع ومن هي الجهة المخولة بدراسة تلك الاعذار وتحديد شرعيتها من عدمها؟؟؟وهل الذي غادر المقاطعة بسبب وجود مخاطر جدية على حياته وانتهاك كرامته نتيجة لاختلافه السياسي مع السلطة الحاكمة يستفيد من العذر المشروع ام لا؟؟؟؟؟ والمطرود والمنفي من قبل اجهزة الادارة لعدم خضوعه وامتثاله لتوجيهاتم هل سيستفيد من العذر المشروع ذاك ام لا ؟؟؟ اضافة انه لم يوضح المدة الزمنية المحددة بسنة من مغادرته هل هي تحسب بشكل مستمر ودون انقطاع اي لم يتخللها زيارات للمغادر الى المقاطعة؟؟؟ ام انها تحسب بشكل منقطع ؟؟؟ لانه يحدث ان يغادر شخصا ما المقاطعة ويعود اليها مرة اخرى في زيارة قبل اكمال مدة السنة ثم يغادرها مرة اخرى

.
* المادة الثانية عشر(تقوم اللجنة بادارة اموال الغائب والمهاجر طيلة فترة غيابه ويعاد اصل المال والملك له او لاحد افراد اسرته من الدرجة الاولى او الثانية حين العودة دون اعادة الريع والثمار)

.
طالما مشروع القانون منح اللجنة المكلفة بادارة اموال الغائب صفة القيم فلايجوز قانونا للقيم بان يستولي على ثمار ونتاج اموال واملاك الغائب الذي لايستطيع ادارة املاكه لوجود ظروف تمنعه من ذلك لانه يعتبر امين على تلك الاموال ويتوجب قانونا اعادة الريع والثمار مع اصل المال والملك بعد حسم المصاريف والاجور والا يعتبر انه مسيء للامانة ويدخل عمله في خانة السرقة المقوننة

.
* المادة السادسة عشر (اي عقد شراء او بيع او استثمار قبل صدور هذا القانون لايترتب عليه اي اثر قانوني مالم يكن موقعا من الجهات صاحبة العلاقة في المقاطعة وفقا للقوانين والقرارات ذات الصلة)

.
لم يحدد المقصود بعبارة قبل صدور هذا القانون وترك ذلك على اطلاقه فهل المقصود به قبل تاريخ اعلان الادارة ام بعد تاريخ الاعلان عن الادارة الذاتية كما نص في المادة الثانية منه والذي حدد بموجبه الاشخاص المغادرين والذين يسري القانون عليهم والقاعدة القانونية تفيد بانه ماترك على اطلاقه يطبق على اطلاقه وهذا تناقض صريح مع المادة الثانية منه ..

.
* المادة الثامنة عشر (تلغى كل الوكالات الصادرة من الغائبين والمهاجرين سواء كانت منظمة من الكاتب بالعدل او مندوبي الوكالات القضائية الذين يشملهم هذا القانون)
هذه المادة لايمكن وصفها الا بانها اعتباطية وعبثية وينم عن جهل بالقانون لمن صاغها لان الوكالة هو تعبير قانوني عن ارادة الموكل ولايجوز لقانون ما مصادرة ارادة الافراد او الحد من تصرفاتهم القانونية سيما اذا كانت موثقة لدى جهة رسمية معترف بها كالكاتب بالعدل ومندوبي الوكالات الذين يتبعون للدولة السورية التي تتبعها الادارة الذاتية بموجب عقدها الاجتماعي وفقا للمادة الثانية الفقرة /ب/ منه والتي تنص على ( مقاطعات الادارة الذاتية الديمقراطية (الجزيرة – كوباني – عفرين ) جزء من سوريا جغرافياً وكذلك وفق نص المادة الاولى من مشروع هذا القانون الذي بموجبه حدد جنسية الاشخاص الذين يسري عليهم هذا القانون (السورية) وهذه تعتبر مخالفة دستورية صريحة لانه لايجوز للمقاطعة اصدار قوانين تكون متناقضة مع قوانين الدولة (المركز) هذا من الناحية القانونية اما من الناحية السياسية فان وجود هكذا مادة يلغي اسباب الابقاء من قبل الادارة في مقاطعة عفرين على الدوائر التي تتبع الدولة السورية والتي مازالت تقوم بعملها ومهامها مثل دائرة الكاتب بالعدل ودائرة الوكالات والمحاكم المدنية والشرعية والمكلفة بتثبيت التصرفات القانونية للمواطنين من توثيق وتثبيت لعقود البيع والشراء والرهن والوكالات وعقود الزواج وليس هناك من داع لوجود تلك الدوائر التي تعتبر من اركان و بقايا النظام السياسي السوري طالما لديكم النية باصدار هكذا قانون من شانه الغاء كافة النتائج والاثار القانونية المترتبة على القرارات الصادرة عن تلك الدوائر(القرارات القضائية بخصوص تثبيت البيع والشراء والرهن والاجار وتوثيق العقود وووووو الخ)

.
* المادة التاسعة عشر( لايشمل هذا القانون الاستثمارات المالية اللاحقة لصدور هذا القانون من شراء واجار واستثمار اراض المقاطعة من المغتربين والمهاجرين)

.
هذه المادة فعلا تدعوا للسخرية والضحك مع ان من صاغها يعتبر نفسه حريصا على تنمية المقاطعة من خلال تشجيع الاستثمار !!! فكيف لمغادر ومهاجر صودرت امواله واملاكه التي ورثها عن اجداده او التي اشتراها بامواله التي جناها من شقا عمره بموجب هذا القانون المجحف بان يعود الكرة مرة اخرى وياتي ليضع امواله التي جمعها في الغربة في مشاريع استثمارية في المقاطعة تكون عرضة للمصادرة بين الفينة والاخرى بموجب قوانين اخرى قد يخطر على بال البعض من مشرعيها الفطاحل؟؟؟؟

.
* المادة العشرون ( يعاقب بالحبس مدة لاتزيد عن سنة وغرامة لاتزيد عن مليون ليرة سورية كل من وضع اليد او باع او اجر او تصرف باموال الغائبين والمهاجرين خلاف هذا القانون)

.
وجود هذه المادة تنفي وتلغي مبررات سن وصياغة هذا القانون برمته لما يتضمنه من عقوبات رادعة من شانه وضع حد للعابثين باموال الغائبين ومنعهم من ذلك

.
* المادة الثانية والعشرون (يطبق هذا القانون باثر رجعي على كافة التصرفات القانونية من بيع وشراء او تاجير او استثمار والتي تمت منذ تاريخ اعلان الادارة الذاتية الديمقراطية وحتى صدور هذا القانون مع مراعاة المادة /16/ من هذا القانون )

.
هذه المادة تنزع عن هذا القانون صفة القانون ذلك لان القانون لايمكن له بان يطبق باثر رجعي الا في حالة اذا كان الاصلح لمن يشملهم وفي مصلحتهم وليس مثل هذا القانون الذي لايمكن تسميته سوى بالرجعي والذي يعبر عن عقلية مشرعيه الجاهلة بالقانون والذين تشبه تصرفانهم بتصرف المالك بمزرعته الخاصة عبر محاولاته المستميتة بجني اكبر قدر ممكن من الايرادات والثمار دون ان يكلف خاطره بصرف فلس واحد عليها وليس بعقلية رجال الدولة الذين يحاولون تشريع القوانين التي من شانها صيانة حرية وكرامة المواطنين وحماية ممتلكاتهم لبث الراحة والطمأنينة في نفوسهم لحثهم على المزيد من الجهد والعمل لخدمة وطنهم والتشبث بارضهم وليس دفعهم الى تركها من خلال اصدار قوانين قراقوشية تحد من حريتهم وتنتهك كرامتهم وتنزع ملكيتهم

.
ودمتم وعسى ان اكون قد وفقت في تسليط الضوء على مكامن الخلل في مشروع القانون هذا لكي يتم اخذها بالحسبان والاعتبار من قبل من هم مكلفين بمناقشته واقراره
ولايسعني الا ان اقول بان صياغة القوانين من قبل من يجهل العلم بالقانون هو اخطر بكثير من وضع البندقية في يد جاهل ومجنون

.
وارجو من الجميع قراءة هذه الملاحظات بتمعن وغناءها بتعليقاتهم وملاحظاتهم القانونية بعيدا عن توجهاتهم السياسية بغية الوصول الى ماهو افضل وانجع لمصلحة الشعب

.
المحامي حسين نعسو
14/1/2016
http://www.yek-dem.com/?p=2852

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك