من هو المسؤول عن انتحارالشباب في العراق ؟

آراء وقضايا 23 أبريل 2019 0
من هو المسؤول عن انتحارالشباب في العراق ؟
+ = -

كوردستريت || مقالات

.

نادية محمود

نحن نعيش في مجتمع ودولة رأسمالية تحكمه طبقة سياسية  هدفهاالاول والاخير ليس تأمين سبل العيش لاحد او ايجاد فرص عمل، فهذالا يشكل شغلا شاغلا وباية درجة لا للطبقة السياسية المحلية الحاكمةفي العراق، ولا لحلفائها، اقليميين ودوليين، ولا للمؤسسات الرأسماليةمثل صندوق النقد الدولي و البنك الدولي. الهدف الاول والاخير لكلهذه الطبقة هو الحصول على المال وجني الارباح ومراكمتها، ولا شيءغير ذلك. وكل مؤسساتها تلف وتدور حول حماية تلك الثروات: العسكر،الجيش، الميلشيات، القوانين، الحكومات والبرلمانات، المؤسساتالدينية، وسائل الاعلام، منظماتها الخيرية وادبها وفنها. تدور في هذاالمدار وحده ولاشيء غيره.

 

.

تقول الاحصائيات انه سجلت في عام واحد فقط بين عام 2016-2017 (251) حالة انتحار لشباب تتراوح اعمارهم بين ال 16- 29 عاما فيالعراق (اقول سجلتفهنالك حالات انتحار لم تسجل). في بغدادلوحدها سجلت 128 حالة انتحار. اما باقي المحافظات، فالناصريةوديالى والموصل سجلت معدلات اعلى من باقي المحافظات في العراق.

يتفق الجميع، بما فيه وسائل الاعلام الحكومية، بان الاسباب التيتدفع الشباب في العراق الى الانتحار هي الاسباب الاقتصادية، الفقروالعوز، انعدام الامل، واليأس من الحصول على فرص عمل.

 

.

ان هذا لتطورجديد وقاتل فيما وصلت اليه وفرضته الرأسمالية فيالعراق. لقد تمادت الرأسمالية بوحشيتها لحد دفع  الشباب الى القيامبالانتحار للخلاص من الفقر. لقد تمادت الرأسمالية بهجمتها، وتردتاوضاع العمال والعاطلين بشكل غير مسبوق.  نحن لا نتكلم الان عنطول ساعات العمل، او انخفاض الاجور او انعدام شروط السلامةالمهنية،  او عدم توفر شروط عمل مناسبة او حقوق العمال في التنظيم،والتعبير، والخ، مما ناضلت الطبقة العاملة من اجله على امتداد قرنفي العراق او اكثر..نحن نتكلم الان عن شباب لم يتمكنوا من يجدوااي سبيلا لتامين معيشتهم، وانعدمت امامهم للفرص للحد الذي جعلهميختارون انهاء حياتهم. نحن نتكلم عن تمادي وبربرية ووحشية هذاالنظام الذي يدفع بشباب دولة هو يحكمها الى ان ينهوا حياتهمبايديهم. اية خيارات تركوا للشباب؟

من المؤكد انالانتحارليس خيارا صحيحا، ولا يجب ان يمضي اليهاي انسان. ولكننا لن نناقش هذا الامر.

 

.

لم ولن يكون الفقر مسالة شخصية، وكأن معالجةفقرهمهو وقفعلى الشباب وقدرتهم على ايجاد فرص عمل. المسالة تتعلق بنظامرأسمالي يستهدف في المقام الاول والاخير تامين ثروات له، فالنظامالرأسمالي في العراق لا يوفر فرص عمل، بل ان شعار الرأسماليةدائما وابدا هو تقليل كلفة الانتاج بتسريح العمال من العمال. اما اذاكانت الرأسمالية تجني ارباحها عبر سبل اخرى غير القطاعاتالانتاجية، فانها تمضي لها وبسرعة الريح. ولا تلوي بعدها فيما اذاكان ذلك سيوفر فرص عمل او لا يوفر.

اذا كان بوسع الطبقة السياسية الرأسمالية السائدة توفير الارباحوالثروات لنفسها عبر اقتصاد النفط وبيع النفط، وتحويل العراق الىمصدر للنفط، ووظيفته في الاقتصاد العالمي والسوق العالمي هو توفيرهذه السلعة، لن تلتفت الطبقة الرأسمالية الحاكمة للخلف وتنظر الىالضحايا التي تسقط جراء هذا النظام الذي تقوده وتحكم به. ما لمتجّبر على ذلك. لم تقتصر الشروط القاسية التي تفرضها هذه الطبقةفقط على مسالة وجود عمل هش، بطالة، او وجود عمال عقود واجور، وكل هذه الفئات من الطبقة العاملة تعاني الامرين، الا ان وصول الامرالى الانتحار يجب ان يدق جرس انذار. يجب ان يكون نداءا مدوياللعمل. نداءا لايقاف هذه الجريمة. التي يتحمل مسؤوليتها الاولىوالاخيرة هو هذا النظام الرأسمالي الحاكم.

 

.

ان الطبقة الحاكمة مشغولة تمامابنفسها، بتوزيع الحصصوالوزارات، فكل موقع حكومي هو ينبوع للثروات. كل وزارة وكلمحافظة هي منبع لجني ملايين ان لم يكن مليارات الدولارات. وهذاالذي يفسر الصراع على تعيين محافظ للموصل، الغضب على تعيينهادي العامري مسؤولا عن الاعمار في البصرة، الدعوة الى اقامةاقليم البصرة، غضب عمارالحكيم على السلطة ودعواه بانه سينتقلللمعارضة..وغيرها.

الطبقة الحاكمة مشغولة بازماتها وبامرها، وقد تفتق ذهن هذه الطبقةعلى حل مشكلة انتحار الشباب، والتي يعرف الجميع انها، في كثيرمن الاحيان تحدث لاسباب الفقر والعوز، ب: “بناء اسيجة عالية فوقالجسور لمنعهم من رمي انفسهم: يا للعبقرية!!”.

يجب تحميل السلطة مسؤولية توفير فرص العمل او بدل بطالة لكلالقادرين على العمل. يجب المضي، وخاصة الشباب لتنظيم انفسهمللدفع بهذا المطلب بوجه السلطة( فرصة عمل او ضمان بطالة). التنظيمولا شيء غير التنظيم باطر حزبية او غير حزبية. اوسع تنظيم منالشباب، العاطلين عن العمل، العمالة الهشة، العمال في مواقعالانتاج، النساء والرجال، ولا شيء غير تنظيم النفس، وتوحيد القوى،من اجل انتزاع مطالبهم من الدولة، وعبر مختلف الاشكال النضاليةمن تظاهرات واعتصامات، منظمة وبوجه الدولة، لارغام الدولة علىتحمل مسؤولياتها تجاه مواطنين دولة، تقوم بحكمهم“! وتستوليعلى ثرواتها الطبيعية وعلى منافذ حدودها وعلى كل مواردها.

 

.

يجب ان لا يموت شابا اخرا، ان لا ينتحر شابا اخر بسبب عدم قدرتهعلى ايجاد فرص عمل، او سبيل عيش.

نادية محمود/ دكتوراه في العلوم السياسية

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك