“مهاباد … لا تجعلوها بيدقا

آراء وقضايا 15 مايو 2015 0
+ = -

لم يكن تصرف فريناز خسرواني الشابة الكوردية المهابادية بتفضيلها الانتحار على الرضوخ للاغتصاب أمرا” خارج سياق الموروث الكوردي بل كان متناغما” مع قاعدة الرصاصة الأخيرة التي تحتفظ بها المقاتلات الكورديات لأنفسهن في المعارك رصاصة خلاص من ذل الأسر .

.
كما لم تكن ردة فعل الكورد في مهاباد أيضا” خارج سياق المنطق و الموروث الكوردي في الزحف إلى الساحات و الشوارع منددين بالجريمة النكراء و مطالبين بمعاقبة المجرمين بعد إجراء تحقيق عادل رصين .

.
و لكن ما كان خارج السياق هو بيانات و تصريحات و خطابات و مقالات و دعوات صادرة عن أحزاب و كتاب و شخصيات كوردية حملت في طياتها الكثير من التحريض المذهبي و سأمثل على ذلك بفقرة وردت في بيان لمجموعة أحزاب كوردستانية فسرت ما جرى للشهيدة فريناز ( يدل على حقد تاريخي و صراع طائفي مذهبي )
و كاتب كوردي يطالب الدول السنية بدعم ثورة الكورد ضد الروافض !

.
و الكثير الكثير من التصريحات و البيانات الطائفية و بالتالي الابتعاد عن جوهر القضية في سيناريو يذكرنا بأحداث و تصريحات و أفعال أغرقت الشعب السوري ببحري الطائفية و الإرهاب .

.
و هنا و ليس كما يحلو للبعض القول بعيدا” عن النظرية المؤامرة بل أقول و إيمانا” و اعتقادا” بنظرية المؤامرة لوجود مؤامرة أن ما يحصل في المنطقة من أحداث و آخرها في مهاباد ناجم عن صراع محورين .

.
و أن هناك محور مازال يعتمد نفس الأفكار و الخطط و يطبقها بحرفيتها في عدة أمكنة دون أي تعديل و أن الكورد إن استمروا بهكذا تعاطي مع ما يجري في مهاباد سيورطهم ذاك المحور من خلال استغلال عدالة قضيتهم و قدسية شهادة فريناز خسرواني في حرب مذهبية سيكونون هم الخاسر الأكبر فيها

.
و هذا ليس تنجيما” بل هو استنتاج مبني على تصريحات لبعض الشخصيات المؤثرة كصالح القلاب وزير الإعلام الأردني الأسبق و بعض النواب الخليجيين و التي في مجملها تركز على ضرورة الرد على التدخل الإيراني في الكثير من الدول باستخدام نفس الأسلوب و لتكن البداية بدعم تحرك الكورد في إيران و العمل على تصعيد الموقف .
أي أن دعمهم للكورد ليس إيمانا” بقضية الكورد و عدالتها و ليس خيارا” استراتيجيا” إنما هو خيار آني مشروط بسلوك طهران فإن تغير سلوك طهران أوقف الدعم عن الكورد ، تماما” كما تخل الاتحاد السوفياتي عن جمهورية مهاباد عام 1946 و كما حصل مع الملا مصطفى البارزاني من خلال اتفاقية الجزائر الشهيرة بين شاه إيران و صدام حسين 1975 .
.التاريخ يعيد نفسه .

.
و في العودة للبيانات و التصريحات التي سقطت في فخ الطائفية لبعض الأحزاب و الشخصيات الكوردية بشأن مهاباد كاستجداء دعم الدول السنية للقضاء على الروافض !

.
لو عدنا للوراء قليلا” عندما ارتكب النظام العراقي السني مجزرة حلبجة هل كان يتوجب علينا أن ندعو الشيعة لمساندة الكورد للقضاء على النواصب .

.
ألا تعتبر تلك التصريحات و البيانات مجرد مراهقة سياسية أو خطابات شعبوية هدفها تحويل دماء فريناز خسرواني و إخوتها الكورد المنتفضين لوقود رافعة هزيلة ترفع بعض الشخصيات ماديا” و إعلاميا” و لكنها في الوقت نفسه ترفع العدالة و الإنسانية و النزاهة عن قضية الكورد و مظلوميتهم ، و بالتالي قطع تذكرة عبور للتنظيمات المتطرفة كالقاعدة و تنظيم الدولة إلى مهاباد ؟!

.
وهنا أتساءل هل يجوز سياسيا” و أخلاقيا” درء مفسدة بمفسدة أعظم ؟!
و ألا تشكل تلك التصريحات و البيانات توريطا” و إحراجا” للأحزاب الكوردسانية الكبرى و تحديدا” في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها الشرق الأوسط .

.

فلو تحدثنا عن الحزب الديمقراطي الكوردستاني بزعامة الرئيس مسعود البارزاني لوجدناه منهمكا” في تأمين دعم إقليمي و دولي لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في حرب ضروس و تحتاج لنفس طويل و لدعم كبير و بما أننا نتحدث عن الدعم فمن المفيد أن نذكر بماقاله البارزاني أمام وسائل الإعلام عندما كان مقاتلو تنظيم الدولة على مشارف هولير (أربيل) عاصمة اقليم كوردستان عندما أعلن أن أول دولة مدت يد العون لإقليم كوردستان كانت إيران .

.
و لو ذهبنا شمالا” إلى تركيا حيث يتحضر حزب العمال الكوردستاني عبر جناحه السياسي حزب الشعوب الديمقراطي لخوض أم المعارك كما توصف ألا وهي معركة الانتخابات البرلمانية في حزيران القادم ، تلك الانتخابات التي يتوقع أن تكون مفصلية بالنسبة للكورد و بالنسبة للرئيس التركي أردوغان ،

.
و يسعى حزب الشعوب الديمقراطي للتحقيق انتصار تاريخي و تشكيل كتلة برلمانية وازنة تقوي من موقعه التفاوضي أمام خصم قوي حزب العدالة و التنمية في إطار العملية السياسية أو ما يعرف بخارطة طريق التي أطلقها عبد الله أوج آلان لحل القضية الكوردية و ذلك عبر جذب أصوات المكونات العرقية و المذهبية في تركية كالأرمن و الشركس و الشيعة و العلويين .

.
فريناز خسرواني قدمت للكورد في إيران (شرق كوردستان ) فرصة ذهبية لو أحسن استغلالها بعقل حار و عاطفة باردة و ذلك عبر تشكيل مرجعية كوردية سياسية في مهاباد بدعم من الأحزاب الكوردسانية الفاعلة و السعي لتأمين لقاء يجمعها مع الحكومة الإيرانية للبدء بوضع أسس حل استراتيجي يحفظ مصالح شعوب المنطقة على اختلاف قومياتهم و طوائفهم ،

.
فالمعارك تدار على أراضينا و تطحن عظام شعوبنا بعيدا” عن أراض و شعوب القوى المتصارعة على ثروات منطقتنا .
لنكون عظماء يجب أن نكون أمة عظيمة .

الولايات المتحدة الأمريكية 50 ولاية إضافة للعاصمة واشنطن (و كل ولاية تعادل دولة في منطقتنا ) و قوميات و أعراق و أديان شتى توحدت فأنتجت قوة عظمى .

.
و كذلك روسيا الاتحادية و الاتحاد الأوروبي .

.
و لذلك بدلا” من أن نتحارب فلنتفاوض على إنشاء اتحاد فيدرالي قوي ومتين في منطقتنا يضمن حقوق الجميع القومية و الإثنية و يضع حياة الشعوب استراتيجية بقائه .

.
حينها قد نتحول لقوة عظمى تلعب بند مع الإمبراطوريات الكبيرة و تضمن مكانا” لها بعد انتهاء موجة صدام الحضارات ، التشبيك بين شعوب المنطقة هو الحل برأيي فقد مللنا الحروب … مللنا التزييف … مللنا أن نكون بيادق تكون أول من يضحى بها في لعبة الأمم .

.
ريزان حدو

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك