مواطن من الدرجة الثانية

آراء وقضايا 25 يونيو 2019 0
مواطن من الدرجة الثانية
+ = -

كوردستريت || مقالات

.

الجزء الأول

محمد جواد الميالي

الفوارق الطبقية بين المواطنين، هي التي تحدث فجوة في نسيجالترابط الإجتماعي، بين أبناء الجلدة الواحدة.

الأصعب أن تكون هذه الفوارق هي من فعل السلطة المسيرة لأمورالمواطنين، فتبدأ بتقسيم الشعب لا إراديا إلى مواطن من الدرجةالأولى، وآخر من طبقة الإنعدام أو ربما أقل.

هذا أولى الحكايات مع المواطن (ع.ك) البالغ من العمر ٥٤ عام،ومازال يعمل كغالبية الشعب لأعالة عائلته، لأن الراتب لا يكفيهم لنهايةالشهر، لذلك لم يقدم على التقاعد، رغم أن قواه الجسدية قد تقاعدتمنذ مدة.

أخذ سياق الحديث عدة محاور، وفي كل محور كانت تزداد تنهيداتالمعاناة، التي لا تجسد شخصه فقط، بل تمثل وجهة نظر غالبيةالشعب، فكانت أولى المعاناة بحرقه مع أول كوب للشاي:

كنت مجند في الجيش العراقي في الوحدة الطبية، ومن ضمن الجرائمالتي كنت شاهد على حدوثها حالي كحال سائر الوحدة، كانت حرقالأهوار في سنة ١٩٨٩، من قبل الفريق عبد الواحد شلاش وذلك لقتلكافة المعارضين لنظام الحكم، وبعد مرور سنتين وبالتحديد بعد أنتهاءثورة ١٩٩١، قام الرئيس حينها بدفن الأهوار لتهجير سكانها، للقضاءعلى آخر أنفاس المقاومة، غير مبالي بهدر الثروة الوطنية للأهوار..

بعد أن أنهينا شرب أول كوب للشاي، بدأ بإكمال باقي الحديث عماحدث بعد واقعة الغوغائين، كما كان يدعوهم النظام البعثي آنذاك،وقال أن الناس في ذلك الوقت بدأت بالهروب إلى خارج العراق، عنطريق الصحراء الرابطة بين بلدنا و المملكة السعودية، وكانت السياراتتنقل الناس إلى منطقة تدعى رفحاء، ومن هناك يتم تسفيرهم إلى دولأوربا.

 

.

تبسم ثم قال أن أحد أصدقائه قد عرض عليه الهروب معه إلى رفحاء،لكنه لم يستطع أن يترك العراق رغم كمية الظلم، وضنكة العيش تحتخيمة الدكتاتورية.

ثم أكمل بتنهيده حزينه.. عانينا كسائر الشعب الذي بدأ يترنح بينجوع الحصار وظلم الأعتقالات التعسفية، لمدة ١٢ عام من بعد الثورةالغوغائية، حتى ٢٠٠٣ عندما سقط صنم الحكم، والكل كان يتوسمخيراً من القادمين من خارج الحدود!!

تساؤلات المواطن (ع.ك) كانت غريبة! رغم أنه كان يقولها بأبتسامهأستخفاف من ما يحدث في وقتنا الحالي، حيث قال:

من يستحق الرواتب والأمتيازات؟ من أرتاح من عذاب وحكمالدكتاتورية وتنعم في معيشة رفحاء و دول أوربا، أم نحن الذينجاهدنا بقوة من أجل أن نتمسك بتراب الموطن ؟! ومن يستحق تقاعدوأمتيازات القادة البعثيون الذين يسكنون الخارج الآن أم نحن الذينقبع تحت سلطة مجموعة من الفاشلين؟ 

بعد أن أنهينا حديثنا تيقنا أن العراق فيه شعبان.. أحدهما مازاليعاني ويعتبر مواطن من الدرجة الثانية وربما أقل، والآخر شعب منالدرجة الأولى وربما أعلى، يمتازون بأنهم فدائيين لصدام وآخرونبجهادهم الرفحاوي وإقامتهم الأوربية.

يبقى السؤال المحير هل من بقى وقارع النظام البائد لا يعتبر مجهاد ؟وإن كنا لا نستحق كوننا تمسكنا بهويتنا العراقية! ألا نستحق اليومرواتب جهادية لأننا نتحمل الحياة تحت حكم الديمقراطية المزيفة،بقيادة أشباه السياسة؟ أم مازلنا لا نملك الروح الوطنية التي نستحقبها أن نكون مواطنين من الدرجة الاولى ؟

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك