ندوة:ملامح سوريا المستقبل:دولة ديمقراطية ام دولة متطرفة في الافكار والمعتقدات

بيانات سياسية 06 أكتوبر 2013 0
+ = -

 

المكان و التاريخ: لندن في 5 اكتوبر2013

 

برعاية المركزي الكردي السوري في بريطانية اقيمت ندوة سياسية حوارية بعنوان: ملامح سوريا المستقبل : دولة ديمقراطية أم دولة متطرفة في الأفكار و المعتقدات.

كلمة المجلس الوطني الكوردي في بريطانيا[1]

أخواتي وإخوتي الحضور

تحية ثورية

 إن ثورة الحرية والكرامة ، كانت نقطة تحول في تاريخ سوريا الحديث ، حيث ثارت الجماهير الشعبية ضد النظام الشمولي القائم على القمع والفساد والإستغلال ، وثارت من أجل الحرية والتحرر والمساواة والعدالة الإجتماعية . وناضلت من أجل بناء سوريا مدنية تعددية ديمقراطية ، وإقامة دولة القانون والدستور، والحفاظ على التعايش و التآخي بين جميع مكونات الشعب السوري.

 ولكن هذه الثورة المباركة التي رفعت شعارات سلمية حضارية سرعان ما تم عسكرتها، وتشويه صورتها ، وتحريفمسارها الصحيح . فتحولت من ثورة سلمية نقية إلى ثورة مسلحة مشوبة، بل إلى حرب إقليمية دولية تُدار بالوكالة على أرض سورية، وذلك تماشياً مع مصالح بعض الدول ورغبة من النظام الإستبدادي في تحويل مجرى الصراع  الحقيقي ، وزج قوى الثورة في صراعات جانبية ، وتأجيج الصراع الطائفي والإثني بين مكونات المجتمع السوري.

 مما أفرزت قوى أصولية بشقيها الديني السلفي والقومي العنصري، وكذلك قوى رجعية ظلامية شكلت خطراً حقيقاً على الثورة ، وحاولت إجهاضها، بل أصبحت في مواجهة مباشرة مع الجماهير الشعبية لفرض رأيها ، ونموذج دولتها السياسي والإجتماعي المتخلف، ومحاكمها الشرعية بالقوة والعنف في المناطق المحررة. واعتبرت مفهوم الديقراطية والدولة المدنية هي أطروحات مخالفة للشريعة الإسلامية. إن المجموعات الجهادية المتطرفة هذه أزدادت نفوذاً وقوة ، لدرجة أنها أصبحت معضلة صعبة في حل المعادلة السورية، حيث أنها وجدت التربة الخصبة لنموها بسبب عنف النظام وجرائمه ، وتم غض النظرعن ممارساته واختراق صفوفه من قبل النظام ، وذلك لتشويه صورة المعارضة السورية وتأليب رأي الدول الغربية والصديقة للشعب السوري ضد ثورته.كما أنها لاقت دعماً ومساندة من بعض الدول الإقليمية لتمرير مشاريعها في المنطقة. وكانت للمعارضة السورية وخاصة الإسلامية منها الدور الأكبر في تغطية أعمالها وذلك لاستخدامها في المعركة ضد النظام . وكما تنامت هذه الجماعات نتيجة تخاذل المجتمع الدولي في التعامل مع الثورة السورية ، وفي ظل التجاهل والتقاعس الدوليين اتجاه حماية الشعب السوري.

ولعل الأمر ازداد تعقيداً في الأونة الأخيرة، حيث تناحرت هذه المجموعات المتطرفة فيما بينها لتقاسم مناطق النفوذ والغنائم في المناطق المحررة. وأصدرت بياناً لثلاث عشرة كتيبة تعلن فيها رفضها وعدم اعترافها بالقيادة السياسية المتمثلة بائتلاف قوى الثورة والمعارضة والقيادة العسكرية المتمثلة بالمجلس العسكري الثوري . كما أنها كثفت من هجماتها البربرية على المناطق الكردية وفرضت عليها حصاراً جائراً، وحللت الدم الكردي والقتل على الهوية، وذلك بغيةإدخالها في صراعات عرقية، وزرع الكراهية بين الشعبين العربي والكردي المتعايشين عبر التاريخ.

 إننا في المجلس الوطني الكردي على قناعة تامة بأن هذه المجموعات المتطرفة هي نماذج غريبة عن مجتمعنا السوري ، وأن ما تقوم به من ممارسات لاتقل خطورة عن محاولات النظام في خلق الفتنة بين مكونات المجتمع السوري . إلا أننا في الوقت نفسه نرى بأن ثقافة مشوهة كرست في المجتمع السوري على مدى نصف قرن من الزمن، قادتها سلطات شمولية متتالية ، وتشربتها مجموعة من السياسيين والكتاب ، وبعض شرائح المجتمع . تهدف إلى تذويب الكورد كديموغرافية وصهرها ضمن بوتقة القومية العربية ، مستندين في ذلك إلى مفهوم الأكثرية والحفاظعلى الوحدة الوطنية.

 وما أكثر التصريحات العنصرية التي تخرج من أعماق المؤتمرات والإجتماعات، والتي لاترى أي حق للكورد إلا حق المواطنة واللامركزية الإدارية. إلا أننا نرى بأن القضية الكوردية هي قضية سياسية ، وهي قضية أرض وشعب له خصوصيته القومية والثقافية، حرم من حقوقه الأساسية المشروعة، ومن المشاركة في حكم وإدارة البلاد على مدى عقود طويلة، وطبق بحقه المشاريع العنصرية من حزام عربي وإحصاء جائر بغية تغيير ديموغرافية مناطقه الكردية . وإن المجلس الوطني الكردي تبنى برنامجاً سياسياً في مؤتمره المنعقد في بداية العام الحالي، دعا فيه أن تكون سورية دولة اتحادية ديمقراطية متعددة الأديان والطوائف، بنظام نيابي يلتزم بالمواثيق الدولية ومبادئ حقوق الإنسان ، ووضع دستور جديد للبلاد يقر بوجود الشعب الكوردي وحقوقه المشروعة بصفته شريكاً أساسياً، والإعتراف باللغة الكوردية لغةرسمية في البلاد إلى جانب اللغة العربية.

. وهنا لا بد من الاستشهاد بأقوال المناضل العتيد “جمال الدين الاتاسي” في الديمقراطيه وحقوق القوميات قبل عقود من الزمن ،حين قال: ” بمقدار ما نقترب من المفهوم الدمقراطي للوطن والمواطنة ، والسيادة الحرة للشعب ، في بناء نظمنا الوطنية ، وفي إنجاز مهمات تحقيق وحدتنا الوطنية . فإن مسألة الجماعات القومية الغير عربية المقيمة في هذه المنطقة أو تلك في وطننا العربي ، والتي لم تندمج بنا في الماضي ، وتحرص على وجودها القومي الخاص وخصوصيتها لابد أن تطرح نفسها علينا من خلال ذات المعايير الديمقراطية والإنسانية التي توجه مسارنا ، ولا بد أن نقف منهاالموقف الذي أردناه في تحررنا القومي أن تكون لها إرادتها الحرة وحقها في تقرير المصير”.

ويمكننا القول بأن المشهد السوري القاتم ، لم يفرزفقط قوى ظلامية ، بل تولد عنه المزيد من الزعامات الوهمية التي أضاعت البوصلة ، وخاصة ضمن صفوف المعارضة الخارجية ، حيث ابتعدت عن معاناة المواطن السوري البسيط وآلام الوطن المحطم ، وذلك لبعدها عن لعلعة الرصاص وهدير الطائرات . فرضخت لمشيئة المحاوروالإملاءات ، وتحولت إلىبيادق منقادة ، تطلق التصريحات والبيانات ، لدرجة أفقدت الشعب ثقته بقياداته وقبوله الماضي بكل مآسيه.

أخواتي.. إخوتي: إن نضال الكورد في سوريا من أجل الديقراطية والحرية ليس وليد اللحظة ، بل أن الحركة الكوردية خاضت نضالاً عسيراً وشاقاً ، من أجل ترسيخ الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان منذ أوائل القرن الماضي ، وكانت من بين الأعضاء المؤسسين لإعلان دمشق في عام 2000، و في عام 2004 كانت الشرارة الاولى للثورة السورية العظيمة في الانتفاضة العظيمة للشعب الكوردي من قامشلو الى كوباني الى عفرين الى حلب فدمشق و الى كل انحاء سوريا و امتدت صداها الى خارج حدود الوطن و لأول مرة كسرنا حاجز الخوف و الرعب حيث تم تحطيم صنم الاب المقبور في عامودا، وما زال الكورد يشكلون الجزء الأساسي من هذه الثوره ، ويعيشون الواقع السياسي السوري بكل تفاصيله ومعاناته ، ويجمعهم في ذلك مع إخوانهم العرب البعد الوطني لقضيتنا الكوردية.

من هنا لا بد من الأخوةفي المعارضة السورية إتخاذ مواقف تتصف بالحكمة ، وذلك بمد جسور الثقة وبناء الشراكة الحقيقه بينها وبين المعارضة الكوردية ، من خلال خلق مناخ سياسي ناضج ومتبلور لقبول التمثيل الكوردي في ترتيبات العملية السياسية ، والوقوف معا على مايجري في الجسم المعارض من المشهد السوري من تداخلات وتكتلات واصطفافات . وأن نضع على طاولة الحوار مجمل القضايا الأساسية التي تمس جوهر نضالنا اليومي ، ونطرح على أنفسنا جملة تساؤلات مفادها : تُرى ماذا تريد المعارضة السورية بعربها وكوردها ؟ وكيف السبيل إلى ماتبغيه ؟ وقبل ذلك يجب ان نُخضع تجربتنا إلى النقد والمراجعة ، وأن نعترف بنقاط ضعفنا وأماكن هزيمتنا ، وأن نعمل معا لوقف الصراعات والمهاترات التي لا تخدم أهداف ثورتنا المجيدة.

ومما لاشك فيه بأننا جميعا من دعاة الديمقراطية والتعددية والمجتمع المدني والحوار المتمدن ، ومناهضي العنصرية والشوفينية والفاشية . ولدينا قناعة راسخة بأن بناء الديمقراطية الحقيقية هي الكفيلة بهدم بنيان الاستبداد والتفرد ، والقادرة على حل كافة مشاكلنا على المستوى الوطني والقومي والاجتماعي . ولكن إنتاج الديمقراطية الحقيقة لايأتي من خلال المقولات الفلسفية الجميلة ، بل يجب حمل ثقافتها والعمل لتحقيقها على أرض الواقع . فالديمقراطيه هي تجربة وممارسة وسلوك حضاري متمدن ، يُؤسس لها من خلال مبادئ سياسية واجتماعية وأخلاقية ، تأخذ بالاعتبار القيم والأخلاق والسلوكيات الخاصة بالبيئة الاجتماعية ، وذلك لتكرس نوع جديد من العلاقات الإنسانية الحضارية التي تخدم قضايا الشعوب والأمم.

 

دمتم ودمنا خدمة لقضايانا المصيرية



[1]كلمة المجلس ألقاها السيدة المهندسة امينة بريمو

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك