هزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا والعراق قد تزيد من خطره في أوروبا

صحافة عالمية 28 أكتوبر 2016 0
هزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا والعراق قد تزيد من خطره في أوروبا
+ = -

كوردستريت – مونت كارلو الدولية

بالتزامن مع التحضيرات لعملية استعادة الموصل أكبر معاقل تنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق، تطرح الصحف الفرنسية بكثافة أسئلة تؤرق الساسة والقادة الأمنيين في أوربا وخصوصا فرنسا، وتدور هذه الأسئلة حول كيف ستؤثر عملية استعادة الموصل على التكتيكات الهجومية لتنظيم “الدولة الإسلامية” وكيف سيتم التعامل مع الجهاديين الفرنسيين الذين تتوقع قيادات أمنية ومحليين متخصصين بالتنظيمات الإرهابية عودتهم إلى بلدانهم الأصلية ومنها فرنسا بعد هزيمة التنظيم وشعور هؤلاء المقاتلين بالإحباط وفشل مشروع “دولة الخلافة” في سوريا والعراق.

.
وفي ضوء توقعات أن يتراوح عدد العائدين إلى فرنسا بين العشرات والمئات من الجهاديين، تبدو عدة أسئلة حاضرة بقوة في الأذهان، وأهمها، هل سيعود هؤلاء “ليعلنوا توبتهم” عن فترة انخراطهم في “الجهاد”؟ أم سيقومون بتنفيذ مخططات إرهابية ضد أهداف فرنسية مدنية أو عسكرية انتقاما لهزيمتهم في “دولتهم المزعومة”؟ وكيف ستتعامل السلطات معهم؟

.
فحسب التقديرات يبلغ عدد من التحقوا بـ “الجهاد” في سوريا والعراق من الفرنسيين ما بين 700 و 900 جهادياً، ولو افترضنا أنه في أفضل الأحوال أعلن أغلب هؤلاء أو من بقي منهم على قيد الحياة “توبتهم” أو تم القبض عليها، فإن هذا يعني ـ عندما ستتخذ العدالة مجراها ـ وجود عدد كبير من حملة الفكر “الجهادي” المتطرف والعنيف جدا في السجون الفرنسية التي تضم أشخاصا ـ حسب عدة تقارير ـ يمكن تعبئتهم بأفكار متطرفة، وقد يتمكن منظرو وقادة التنظيم تجنيدهم لتنفيذ عمليات إرهابية على الأراضي الأوروبية. الأمر الذي سيشكل حالة قد تكون الأولى من نوعها عندما يجتمع عدد كبير من المقاتلين المتطرفين السابقين يحملون أفكار خطيرة في سجن أو عدة سجون مع استحالة قطع التواصل بينهم ومع الخارج إلا في وضع شبيه بوضع سجن “غوانتانامو” سيء الصيت، وهو ما لا تسمح به قوانين الاتحاد الأوروبي، وبالتالي استحالة عزل هؤلاء السجناء، العائدين بحسن نية أو بسوئها عن بعضهم وعن العالم. أي أن احتمال وجود مناخ موائم لتعبئة جهاديين جدد هم مواطنون فرنسيون، يعرفون المجتمعات التي قد يستهدفونها جيدا ما يجعل ضرباتهم أكثر خطورة.

.
من هنا تبدو هواجس السلطات الفرنسية التي يُرجع إليها بعض المحليين تردد السلطات الفرنسية في القضاء سريعا على تنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق وسوريا مبرراتها، فالسلطات الفرنسية لا بد وأن تأخذ بالحسبان إمكانية عودة هؤلاء الجهاديين بالعشرات إلى بلدانهم ومنها فرنسا واحد من أكبر مصدري المقاتلين الأجانب إلى “أرض الجهاد” ومخاطر هؤلاء العائدين الأمنية. وإمكانية انخراطهم في أعمال دعوية وجهادية على الأراضي الأوروبية، أي بشكل أو بآخر تجنيد وتأسيس “خلايا” قادرة على توجيه ضربات موجهة بسهولة أكبر. وربما نقل المعركة من الشرق “البعيد نسبيا” إلى عقر دار “العدو الصليبي الكافر” وفق الفهم الجهادي.

.
وهو ما يعني تكرار عمليات إرهابية ضخمة متقنة التنظيم ينفذها عناصر مدربون اكتسبوا الخبرة الكافية لاستخدام السلاح والمفخخات وتصنيع القنابل وتمرسوا في قتال الشوارع في سوريا والعراق، كما حدث في الهجوم على صحيفة شارلي أيبدو الفرنسية الأسبوعية الساخرة، أو في اعتداءات باريس في 13 كانون الأول ـ نوفمبر 2015، أو تفجيرات بروكسل أو اعتداءات نيس عام 2016 وغيرها من الاعتداءات هنا وهناك في أوروبا.

.
هذا عدا عن ما يسمى “الذئاب المنفرد” وهم مواطنون محليون مستعدون نفسيا وفكريا لتنفيذ هجمات قد تكون باستخدام مواد وأدوات أولية وضعيفة التنظيم، وربما خسائرها البشرية والمادية محدودة، ولكن هذا لا ينفي أنها مؤثرة بعمق في المجتمعات التي تستهدفها، وأنها قادرة على إثارة الرعب والهلع وهو أحد أهداف تنظيم “الدولة الإسلامية” المعلنة.

.
أي أن هزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق وسوريا، قد لا يؤدي بالضرورة إلى وضع حد لفظائعه التي يرتكبها هناك، أو في الغرب، بل يمكن ببساطة أن يتحول التنظيم من “حرب العصابات” في مواجهة جيوش نظامية إن صح التعبير إلى “حرب” بالمعنى المجازي غير محدودة الجغرافية ولا واضحة الأهداف، وإن صح التوقع، فإن هذه “الحرب” ـ مجازا ـ ستستهدف بالدرجة الأولى أهدافا مدنية لسهولة الوصول إليها، و”جدوى” العمليات الإرهابية في تحقيق هدف “إرهاب” الأوروبيين، مقارنة بالعمليات ضد أهداف عسكرية تقليدية.
 

Loading

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك