ومضة في فن المبادرات الفاشل بقلم : دليار آمد (م. دلوفان سلو)

آراء وقضايا 01 أغسطس 2014 0
+ = -

 

البراغماتية السياسية تكون مقبولة عندما تكون موجهة إلى الآخر , وهذا الآخر قد يكون عدوا أو محايدا أو حتى صديقا , أما أن تكون موجهة إلى شعبك والى أبناءك وأخوتك فبالطبع لن تكون مقبولة بل ستكون مستهجنة , فالشعب والقضية ليسا بحقلي تجارب , نجرب فيهما كل الاحتمالات حتى تنتهي إحداها بالنجاح , والذي في الغالب يكون نجاحا شخصيا مؤقتا زائلا بزوال مقوماته الهشة, دون أن ننسى أن الشعب قد انتقل إلى مرحلة تاريخية من الوعي القومي , وأصبح بكل سهولة يفرز بين الجيد والرديء , بين ما له وما عليه , دون أن يكون له وصيٌ سياسي أو عرابٌ سياسي لا يملك في رصيده سوى بعض البيانات الخلبية , وبعض القصص الأسطورية التي غالبا ما تكون من نسج الخيال , وتاريخٌ مهترئ حتى هو غير مقتنع فيه بداخله .

القضية الكُردية في غرب كُردستان (روج آفا) لم تعد قضية بطاقة هوية (الجنسية) ولا قضية حقوق ثقافية كما كان يطالب البعض بها طيلة عقود من الزمن , بل أصبحت قضية أرض وقضية حق وقضية مواطنة وقضية شراكة حقيقية , والأكثر من كل هذا أصبحت قضية وجود أو عدم وجود , لذا لم تعد تنفع معها تلك الآليات العمل المنتهية الصلاحية الفاسدة .

وعلى أرض الواقع حسم كل من الطرفين الكُرديين أمرهما , فطرف انضم إلى الائتلاف السوري المعارض ولا توجد له أي بصمة تذكر على الأرض , وطرف انضم إلى الشعب ويدافع عنه وعن أرضه ويقدم التضحيات تلوى الأخرى بغض النظر عن التأويلات التي يؤولها البعض. وأكثر من مرة كانت هناك محاولات لرأب الصدع الحاصل وتقريب وجهات النظر مثل هولير1 , هولير2 , الهيئة الكردية العليا , عدا عن اجتماعات قامشلو وهولير وقنديل ….الخ , ولكنها كانت تفشل , وذلك للبعد الشاسع في منهجية التفكير والتطبيق لدى الطرفين .

ومن حيث المبدأ فأي محاولة أو مبادرة أو نداء للتقارب الكردي الكردي بما يعزز الحماية والدفاع التاريخي المشترك وتوحيد الصفوف بصورة حقيقية وليست خلبية فهو مرحب به , ولكن أي مبادرة حقيقية وفعالة لابد من توافر عدة شروط فيها ومنها أن تكون من جهة تتمتع بمصداقية من الجميع وعلى مسافة متقاربة من الجميع, وأن يحتوي على مشروع قومي مشترك ذو خطوط عريضة لا يختلف عليها أحد , وأن تحمل في طياتها برنامج عمل ميداني و آليات عمل مشتركة وقابلة للتطبيق , كما يجب أن تحمل ضمانات لإنجاحها, وأن تكون ذو بعد استراتيجي تمتد لفترة طويلة .

وأي مبادرة بإسم أي شخص لا يمكن لها أن تنجح مالم يكن ذلك الاسم له وزن وثقل كٌردستاني وباستطاعته التأثير المباشر والفوري على أحد الأطراف , لذا أي مبادرة تحت اسم أي شخص لا يتمتع بتلك الصفات يمكن تسميتها بمبادرة حفظ ماء الوجه وستكون لتسجيل موقف شخصي فقط على مبدأ (أنا موجود) في حين أن من يحق له أن ينادي بهذا المبدأ هو من بقي في الوطن ويدافع عنها بأي وسيلة كانت , لذا لا يمكن لمثل هذه المبادرات التي يمكن تسميتها بالإعلامية وإظهار الذات فقط أن تنتج شيئاً سوى تضييع بعض من الوقت الإضافي وخيبة أمل جديدة لدى الشعب , فكل فرد من روج آفا بإمكانه أن يعلن عن هكذا مبادرات , وهي بذلك ليست مبادرة بل مطلب شعبي بامتياز .

فالتحولات الكبرى الحاصلة على ارض الواقع (وبتعبير أدق على أرض المعركة) تجاوزت كل الخلافات السياسية واستراتيجيات المحاور التي يلعب البعض على وترها, وهذا كان مطلبا تاريخيا شعبيا , فالدفاع عن الأرض وعن الشعب في ظرف الحرب وحيث داعش ومشتقاتها على الأبواب لا يمكن تسويفه بأي شكل من الأشكال , لذا المبادرة الوحيدة التي يمكن أن تنجح هي أن يبادر كل شخص أو كل تنظيم أو كل حزب من تلقاء نفسه بأداء واجب الدفاع الذاتي كلٌ من موقعه, فهذه المبادرة هي الوحيدة الكفيلة بتوحيدنا وانتصارنا وتسطير التاريخ بأحرف من ذهب , وكما يقال أن لكل زمان رجاله , فرجال هذا الزمان هم أبطال الـ YPG ولا أحد سواهم , لا أحد .

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك