3 أسباب تزيد من نسبة العنف بين الزوجين

المراة و المجتمع 30 نوفمبر 2020 0
3 أسباب تزيد من نسبة العنف بين الزوجين
+ = -

كوردستريت || المجتمع 

 

العنف الأسري

تعاني جميع المجتمعات خلال السنوات السابقة للعنف الأسري، إنها من الظواهر الاجتماعية الخطيرة للغاية، والتي بحث العديد من علماء النفس والاجتماع حول أسبابها ودوافعها، بل ونتائجها آثارها الخطيرة ليس فقط على الأب والأم ولكن على الأبناء، بل وربط العنف الأسري بالعديد من العوامل الاجتماعية والاقتصادية خاصة في الدول الفقيرة، في هذا المقال نتعرف بالتفصيل على أهم دوافع العنف الأسري، وما هي الآثار والنتائج الخطيرة التي ينتج عنها العنف الأسري، وكيفية حماية أبنائنا من هذا العنف، فهيا بنا لهذا البحث الشامل عن العنف الأسري.

ما هو العنف؟

ظاهرة العنف لها العديد من التعريفات، ولكن دعنا عزيزي القارىء من التعريفات العلمية الجافة، فإننا سنحاول من خلال سطور هذا المقال معرفة العنف والجوانب المختلفة التي تساعدنا على تفسير هذا الأمر بجميع جوانبه، فما هو العنف لغوياً.

في البداية نتعرف على مصطلح العنف في اللغة العربية، فالعنف يعني الشدة والقسوة، وهي آتية من كلمة عنف فيقال عنف بالرجل، أي الذي لم يرفق به وعامله بالشدة والعنف، او لامه وعيّه ، وقد نقول عنّفه أي لامه بغرض الإصلاح والردع.

أما في التعريف البسيط للعنف، فإن العنف هو استخدام القوة بشكل غير شرعي وغير مجتمعي وغير قانوني أو التهديد باستخدام الأذى والضرر والضرب، أو اللجوء إلى الأذى من اجل إنهاء العلاقات الأسرية، وهذا في تعريف العنف الأسري الذي وضعه علماء الاجتماع، حيث أن العلاقات الأسرية تشهد توتراً قد يكون سببه مشكلات عادية، وبالتالي يتطور الأمر للإيذاء البدني والنفسي، يتخلله السلوك العدواني من أحد الطرفين لإخضاع الطرف الآخر لمطالبه، أو سلب حريته في التعبير والتفكير والرأي، وهو ما يعني الضرر المادي والمعنوي والنفسي.

وهذا التعريف هو التعريف الشامل للعنف، وإذا طبقناه على العنف الأسري، فإن هذا العنف الأسري يعني العنف والإيذاء والضرر من طرف تجاه طرف آخر، مثل عنف الزوج ضد زوجها أو عنف الزوجة ضد زوجها، أو أحد الوالدين تجاه الأولاد والأبناء، وهناك العديد من الأشكال الأخرى التي تحتوي على الاعتداء النفسي والتهديد والإهمال وسلب الحقوق من أصحابها، والعنف الجنسي وغيرها من الأشكال.

أما هدف العنف الاسري هو السلوك الذي يراد به إثارة الخوف بكافة أشكاله الجسدي والنفسي والجنسي وغيرها من الأشكال، بل قد يسبب هذا العديد من الجوانب والتفاصيل الأخرى، حيث قد يكون أحد أدوات العنف الأسري الأطفال أو الحيوانات الأليفة وغيرها من الوسائل.

وهناك العديد من العوامل والدوافع والأسباب التي تجعل العنف الأسري أحد الظواهر الاجتماعية التي برزت في الواجهة خلال السنوات السابقة، فما هي تلك الدوافع والأسباب؟ هذا ما نتعرف عليه بالتفصيل خلال السطور التالية.

ما هي أسباب ودوافع العنف الأسري؟

كما قلنا في السطور السابقة، إن تعرضك للعنف الأسري قد يكون له أشكال عديدة، وعليكم أعزائي القراء أن تعلموا جيداً أن معظم دول العالم الآن تتجه لوضع عقوبات كبيرة على العنف الأسري بسبب انتشاره، فهي جناية الآن يرتكبها الفرد وقد يسبب العديد من الجوانب المؤذية النفسية والبدنية، بل قد يصل الأمر للقتل أحياناً بسبب العنف.

لذلك لابد أن نتعرف على جميع أسباب العنف الأسري والتي فسرها علماء النفس والمجتمع، وهذا ما نتعرف عليه في النقاط التالية:

دوافع اجتماعية قد تكون وراء العنف الأسري
إنها قد تكون من أخطر أسباب العنف الأسري لأنها ترتبط بالعادات والتقاليد الموروثة منذ مئات السنين، والتي تتيح مثلاً ضرورة تأديب الابناء أو الزوجة أو الأقل منزلة في الأسرة وغيرها بالضرب والتعنيف بكافة أشكاله، حيث أعطت بعض العادات الموروثة في بعض البلدان الحق لرب الأسرة في التأديب، وأعطته قدر عالي من الهيبة والسطوة التي قد ترتبط برجولته وفحولته نفسها.

وهذا ما يجعله سيداً في هذه الأسرة، ويعتقد أن رجولته تتمثل في مقدار السطوة والقوة العنيفة والمفرطة التي تتيح له ذلك الأمر، وبالتالي فإن الثقافة والوعي والعادات والتقاليد قد تكون عوامل مجتمعية لابد من معرفتها وتفسيرها لمعرفة ما إذا كان المجتمع هذا يعاني من العنف الأسري، وهل توجد عوامل للضغط الاجتماعي لفعل ذلك؟

كما ترتبط بعض العوامل الاجتماعية الأخرى التي تقود العنف الأسري وظهوره على السطح، مثل تدخل أهل الزوجين في حياتهم، كذلك تأثر الأسرة بالعادات والتقاليد، والاختلافات بين الزوجين سواء الفكرية والثقافية والتعليمية والعمرية والدينية والتي تقود للنزاعات داخل الأسرة.

كما يبدو أن عوامل مجتمعية أخرى مثل ضعف الوازع الأخلاقي والديني قد تكون عوامل اجتماعية هامة تقود إلى فقدان التواصل والحوار بين الزوجين، أو بين الأبناء والآباء، وتكون اللغة المتاحة عندئذ هي لغة العنف والإيذاء والإهمال وكافة أشكال العنف الأسري الأخرى.

دوافع اقتصادية تؤدي إلى العنف الأسري
العنف الأسري له العديد من الدوافع والعوامل الاقتصادية التي تؤدي إليه، إن العنف الأسري قد يكون بسبب ضيق معيشة الأسرة، وهذا من ضمن الأمور التي تحدث في العديد من البلدان المنهارة اقتصادياً.

حيث توّلد نفسياً الحالة الاقتصادية السيئة وغلاء الأسعار الأب إلى ارتكاب العنف لكي يبدأ في التغطية على عجزه الاقتصادي والمادي المتزايد خاصة مع غلاء الأسعار، هذا إلى جانب أن الدوافع الاقتصادية تحدث بأشكال عديدة منها عجز الأسرة لتوفير احتياجات المعيشة بسبب ضعف الحالة المادية وتدني مستوى الدخل.

كما يؤدي حدوث نزاعات بين الزوجين بسبب كيفية إدارة راتب الزوجة وإمكانيات الزوج وإضافة الراتب لميزانية الأسرة، وقد يكون هذا عبء زائد على الزوجة التي ليس من المطلوب منها أن تنفق على الأسرة بغير رضاها، وهو ما يؤدي للعنف بين الطرفين في حالة عدم رضاها.

وخلاصة القول؛ فإن الدوافع المادية والاقتصادية سبباً من أسباب حدوث العنف الأسري بشكل كبير، وهو ما يجعل الأسرة في عنف مستمر بسبب ما يحدث من ضيق للمعيشة.

دوافع نفسية وذاتية تحدث بسببها أشكال ومظاهر العنف الأسري
إن العنف الأسري له العديد من الجوانب النفسية، حيث يعاني الشخص من نفسية غير سوية قد تكون دافعة لممارسة العنف الشديد تجاه أفراد الأسرة، وهذه الدوافع منها مثلاً التحكم بالغضب وتدني احترام الذات، والشعور بالنقص، وقد تكون هناك عوامل أخرى تتعلق بالحالات الإدمانية، حيث يؤدي الإدمان على الكحول والمخدرات إلى غياب الوعي وبالتالي قد يرتكب رب الأسرة أو من يقوم بالعنف أشياء دون أن يدري قد تصل للقتل أحياناً.

وهناك العديد من الدوافع الذاتية الخارجية، والتي تؤثر في ظهور العنف الأسري، ومنها مثلاً العوامل التي ترافق الطفل الصغير منذ نشأته والتي قد تكون قاسية أحياناً، مثل تعرضه لسوء المعاملة، أو بسبب العنف الذي تعرض له في الأسرة، أو تعرضه لأمور كثيرة قد أثرت في طفولته، مما يعني تنشأته على العنف.

وهناك عوامل تظهر في الإنسان منذ تكوينه جنيناً في بطن أمه، مثل العوامل الوراثية التي ينتج عنها أفعال غير شرعية أو غير طبيعية، مثل معاناته من أمراض شخصية عقلية، والتي تؤدي إلى زيادة العنف لديه تجاه الآخرين، وعندما يتعرض هذا الشخص عندما يكون مسؤولاً عن اسرة على سبيل المثال فيكون مضطراً للعنف بسبب هذه العوامل النفسية التي يعاني منها.

أنواع العنف الأسري (جسدي – جنسي – نفسي)

العنف الأسري له العديد من الضحايا، إنها ظاهرة تشمل جميع طبقات المجتمع للأسف الشديد، فقد تكون ضحيته المرأة، ومن الممكن أن يكون ضحايا للأبناء، وقد يكون له العديد من الجوانب سواء من الضحايا أو العوامل والأنواع، فما هي أنواع العنف الأسري؟ هذا ما نتعرف عليه خلال النقاط التالية:

العنف الجسدي وأشكاله
إنه العنف الظاهر والذي له العديد من الأضرار والأشكال، حيث يمثل العنف الجسدي أحد أشهر الأشكال ضد الضحايا التي تعاني من العنف الجسدي، وهذا العنف هو عبارة عن الأذى والضرر وإحداث إصابات وعاهات جسدية وبدنية، ويفعل الفرد الذي يقوم بالعنف الأسري من خلال العنف الجسدي بالعديد من الأشكال التي تنطوي تحت نوع الأذى البدني، حيث يقوم بالضرب والضرر الجسدي، وتعطيل الحواس المختلفة، وربما يصل للقتل في بعض الأحيان، ويستخدم العديد من الأدوات المستخدمة التي تحدث الضرر الجسدي، كما له العديد من الأشكال مثل الصفع والدفع واستخدام الآلات الحادة والأسلحة.

وقد يكون العنف الجسدي سبباً في محاولة رب الأسرة مثلاً في ارتكاب بعض الافعال المشينة منها مثل الاستيلاء على الأموال الخاصة بالزوجة، أو محاولته إجبارها على فعل يريده، كما يمكن ان يلجأ رب الاسرة في الغالب للعنف الجسدي من أجل تربية الأبناء، مما يسبب لهم أذى كبير من الناحية البدنية في العديد من الأحيان.

العنف الجنسي وأشكاله
إن العنف الجنسي داخل الأسرة من الأمور المسكوت عنها، فهناك العديد من الجوانب التي تندرج تحت العنف الجنسي، مثل السبب بالألفاظ الجنسية ضد المرأة أو ضد الأبناء، وقد يكون هناك عنفاً على شكل زنا المحارم، وهو اعتداء الأخوة على اخواتهم البنات جنسياً، أو إجبار الزوجات والبنات في الأسرة على ممارسة البغاء مقابل الأموال، أو حتى الاعتداء على الأطفال الصغار من الذكور والإناث بشكل مباشر أو التحرش بهم.

العنف النفسي وأشكاله
العنف النفسي من الأشكال الخافية والتي تظهر داخل الأسرة، ويعتبر هو العنف المنتشر في المجتمع، وفي جميع الأسر، ويعتبر منتشر في كل بلدان العالم، ويمارسه الزوجين تجاه بعضهم البعض، أو تجاه الأبناء.

ويعتبر من الصعب تمييزه، فهو ليس له آثار مادية على الضحية، كما يصعب إثباته كجريمة ظاهرة، حيث لا تلجأ الضحايا لتقديم الشكاوى للسلطات المعنية، كما أن أشكال العنف النفسي له العديد من الأشكال ما بين السب والشتائم والقذف، وممارسة الابتزاز والتهديد والانتقاص من دور الأب أو الأبناء، أو الانتقاص من دور المرأة، أو تجاهل الفرد المتجه ضده العنف النفسي.

والعنف النفسي له العديد من الجوانب النفسية منها فقدان المشاعر والحب بين أفراد الأسرة، وعدم التعاون بينهما، كما بسبب التنشئة غير السليمة، وعدم التربية الصحيحة للأطفال وبالتالي تظهر العيوب الشخصية فيهم، ويتعاملون بشكل جاف مع الآخرين لا سيما الوالدين.

أما صور العنف النفسي فهي عديدة للغاية، منها مثلاً المنع من الخروج، والتجاهل، والشتائم والقذف، التهديد بالضرب والتهديد بالطلاق والحرمان من الأطفال وغيرها من الجوانب.

آثار العنف الأسري على المرأة والرجل والطفل

كما قلنا أن العنف الأسري له ضحايا عديدين، ليس فقط المرأة والأطفال باعتبارهم الأضعف بين أفراد الاسرة، أو بسبب ممارسة الرجال العنف الأسري كإثبات للقوة والعنفوان والفحولة في كثير من الأحيان، بل إن بعض الرجال أنفسهم يمارس عليهم العنف الأسري من المرأة وهذا ما نتعرف عليه، حيث نتناول في هذه النقطة العديد من الآثار حول العنف الأسري والضحايا التي يعانون من أشكال وأنواع العنف الأسري الذي قلناه في النقاط السابقة، فهيا بنا نتعرف عليها في النقاط التالية:

العنف ضد المرأة

لقد أشارت العديد من المنظمات العالمية المدافعة عن حقوق المرأة، مع منظمة الصحة العالمية، فإن العنف ضد المرأة هو الشكل الشائع وهو في زيادة سواء كان في البلدان النامية اقتصادياً، او حتى في البلدان الاقتصادية الكبيرة، فإن الدراسات أكدت العديد من المظاهر:

  • أكدت الدراسات أن 30 % من النساء المتزوجات حول العالم تعرضن للعنف الجسدي.
  • 7% من الناس في سن أقل من عشرين عاماً تعرضن للعنف الجنسي والاستغلال من أجل ممارسة الجنس بطرق غير قانونية وغير شرعية.
  • العديد من النساء اللاتي تعرضن للعنف الاسري احتجن للرعاية الصحية والنفسية للتخفيف من آثار العنف الجسدي والجنسي.
  • العديد من النساء لم يقمن بالتبليغ عن حالات العنف الجسدي أو الجنسي أو التحرش داخل الأسرة للجهات المعنية بسبب الخجل أو الشعور بالخوف أو بسبب تلقيهن تهديد من المجرمين الذين قاموا بالعنف ضدهن.

وعلى أية حال؛ فقد أكدت الدراسات أن أنواعاً من العنف يمكن تقسيمها، حيث يقسّم الخبراء في علم الاجتماع وعلم النفس على حد سواء آثار العنف إلى ثلاثة أقسام وهي:

  • آثار جسدية على مدى قصير: حيث تظهر من خلال الآثار الجسدية مثل الكدمات والضربات أو حدوث عنف جسدي متمثل في النزيف من المهبل، أو آلام في الحوض بسبب محاولة الاغتصاب، أو يمكن أن يكون هناك انتقال لبعض الامراض الجنسية بسبب الممارسة غير السليمة، وقد يكون الاعتداء الجنسي أو البدني ليس له مظهر على المراة فحسب فقد يضر جنينها في حالة إذا تعرضت لهذا العنف خلال شهور الحمل.
  • آثار جسدية على مدى بعيد: قد تمتد الآثار الجسدية والنفسية والجنسية على مدى بعيد، فقد يمتد طوال العمر، فقد تظهر العديد من المضاعفات الصحية، أو مشاكل صحية مثل التهابات المفاصل والربو ومشاكل قلبية، وقد يكون قرحة المعدة أو مشاكل نفسية مثل الاضطرابات أو الأرق، أو حدوث الضغط العصبي، وقد يكون مشاكل في جهاز المناعة يؤدي بالتالي للعديد من المشاكل الصحية، بل إن الأمر قد يتعلق بالآثار النفسية مثل إدمان المخدرات أو إدمان الكحول بسبب الحالة النفسية المتسبب فيها العنف الجنسي أو الجسدي أو النفسي.
  • آثار على الصحة العقلية: إن العنف الأسري الجسدي او ربما الجنسي والنفسي بلا شك قد يسبب للمراة العديد من الاضطرابات العقلية والنفسية، فقد تظهر العديد من المشكلات الصحية والنفسية المتمثلة مثلاً في فقدان الوعي، أو الغثيان، أو فقدان الذاكرة، وقد يكون الإصابة بالعديد من الأمراض النفسية مثل الاكتئاب واكتساب أفكار سلبية قد تؤدي للتفكير في الانتحار وإنهاء الحياة، وقد تمارس المرأة العديد من الجوانب السلبية مثل إدمان المخدرات والكحول او ممارسة أفعال خارجة عن الشرع والأعراف بسبب تمردها على العنف وأشكاله، والعديد من الجوانب العقلية والنفسية الأخرى الناتجة عن مظاهر العنف الجسدي والجنسي والنفسي.

العنف ضد الرجل
قد يكون من غير الشائع أن تسمع هذه الجملة، وهي ممارسة العنف الأسري ضد الرجال او ضد رب الأسرة، أو ضد الزوج، لكن هناك العديد من الأشكال العنيفة التي تمارس ضد الأزواج وضد الرجال، مثل تعرضهم للعنف النفسي والتجاهل، وهو ما أدى بهم إلى الاكتئاب أو تعاطي المخدرات والكحول، كما أن نسبة كبيرة من الرجال حول العالم مورس ضدهم ضغطاص نفسياً وهذا ما جعلهم يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة،ـ وهو ما يؤدي إلى زيادة المظاهر الاكتئابية التي يعانون منها.

وهناك دراسة قامت بها الشرطة البريطانية في عام 2012م، وقد اثبتت الدراسة إلى أن حوالي أكثر من نصف ضحايا العنف الأسري من الرجال يعانون من تدهور في الحالة النفسية والعقلية، ويلازمهم بعض الأعراض المرضية الخاصة بالتوتر والقلق والخوف المرضي الدائم، كما أكدت الدراسة أن حوالي 29 % من الرجال يعانون من الخوف من شريكة حياتهم، وهو ما يجعلهم يفقدون السلطة على الأسرة وهو ما يؤدي إلى العنف الشديد ضدهم، لا سيما العنف الأسري النفسي ضد سلطتهم الأبوية أو الزوجية.

العنف الأسري ضد الأطفال

يعتبر الأطفال هم الضحية الأولى لمظاهر العنف الأسري بشتى أنواعه وأشكاله، إن العنف الأسري ضد الأطفال يعني أن الأطفال يمكن أن يعانون على المدى القصير، وكذلك على المدى الطويل، حيث يعاني الأطفال من الخوف والقلق الدائم، والتأهب لحالات العنف الشديد سواء من الآباء والأمهات، أو من الأخوة في الأسرة، او حتى الذين يمارسون السلطة داخل الأسرة بشكل عام، أما آثار هذا العنف على الأطفال كما أوضحته الدراسات المجتمعية والنفسية هي:

  • آثار العنف عليهم على المدى القصير: ويشمل الأطفال في سن الحضانة قبل دخول المدرسة، حيث يعاني الأطفال في هذه السن للعديد من المظاهر بسبب العنف ضدهم، مثل ظهور ظاهرة التبول اللاإرادي والأنين المستمر والبكاء وعلامات القلق والخوف، وقد يتطوّر الأمر للتأتأة ومحاولة الاختباء والصعوبات في النوم.
  • أما الأطفال في سن المرحلة الابتدائية مثلاً، يبدأ الطفل إذا تعرض لحالات العنف الأسري إلى الشعور الدائم بالذنب ولوم النفس، ويكون أكثر انطوائية وتقل مشاركته في الأنشطة المدرسية ويقل عدد أصدقائه كما يمكن أن يقل احترامه لذاته، وتنخفض درجاته وعلامته المدرسية، وقد يصاحب هذه الآثار بعض الأمور العارضة عضوياً مثل آلام المعدة والاضطرابات في القولون والأمعاء مع الصداع المستمر دون سبب واضح.

    ويشمل العنف الأسري آثاراً قصية على المراهقين أيضاً، حيث تتمثل آثار العنف عليهم العديد من الجوانب، حيث تظهر سلوكيات غير أخلاقية، وقد يتجهون لتكوين صداقات مع أصدقاء السوء، مما يدفعهم إلى تعاطي الكحول والمخدرات، كما يقل احترامهم للذات، وتظهر العديد من علامات الاكتئاب والعزلة خاصة لدى الفتيات المراهقات أكثر من الشباب الذين لا يعانون من العزلة بل على العكس يكونون أكثر انفتاحاً في هذه الفترة لتكوين صداقات لإثبات ذاتهم ولكن في الطريق الخطأ.

  • آثار العنف على المدى الطويل: يعاني الأطفال من بعض الآثار الجانبية للعنف على المدى الطويل، بل قد يستمر الأذى النفسي حتى يكبر الطفل ويكون مسؤولاً عن اسرة، بل قد يمارس العنف ضد أولاده بسبب ما تعرض له من صغره، بل إن الفتيات الصغيرات اللاتي تعرضن للعنف الجسدي والجنسي قد يستمر الأمر والجانب النفسي السىء حتى عندما تكبر، وقد يظهر العديد من المشكلات العقلية والاكتئاب والتوتر والقلق، وقد يستمر الأمر حتى تظهر العديد من المضاعفات الصحية والجسدية الأخرى.
  • وإلى جانب هذه المظاهر، فإن كبار السن أو المسنين يعانون من العنف الأسري وآثاره الكبيرة والخطيرة عليهم، حيث يعاني المسنين حول العالم وفي جميع المجتمعات حول العالم للعديد من أشكال العنف الأسري مثل الاستغلال المالي أو التجاهل والإهمال أو عدم الرعاية الصحية والعاطفية، وقد يكون العنف من أقرب الأفراد إليهم في الاسرة مثل الأبناء، الذين يمارسون شتى أنواع العنف النفسي والعاطفي بل والبدني في بعض الأحيان ضد الوالدين وكبار السن.
  • وهذا يؤدي لإلحاق الضرر النفسي للمسنين، الذين يعانون من العديد من الجوانب النفسية مثل مشاعر العجز والخجل، والإذلال هذا بالإضافة إلى تعرضهم لبعض الأمراض النفسية مثل الاكتئاب   والقلق والتوتر والضيق ومشاعر الإحباط وقد يعانون من مشاعر الصدمة تجاه أقرب الناس إليهم وغيرها من المظاهر النفسية.

5 مظاهر اجتماعية ناتجة عن العنف الأسري

إن العنف الأسري ظاهرة اجتماعية خطيرة توجد في جميع بلدان العالم تقريباً، وهو ما تظهره الإحصائيات التابعة للمنظمات الدولية المجتمعية، ولقد زادت الظاهرة في المجتمعات خلال السنوات السابقة بسبب الظروف المجتمعية الضاغطة عالمياً والتي اثرت في بعض البلدان، كذلك الأزمات الاقتصادية المتكررة، هذا إلى جانب العوامل النفسية والعصبية الأخرى التي ذكرناها في النقاط السابقة.

إلا أننا في هذه النقطة، ومن خلال السطور القليلة القادمة نتعرف أكثر على المظاهر الاجتماعية التي أدى العنف الأسري في ظهورها بشكل كبير في العديد من المجتمعات، وهذه المظاهر الاجتماعية هي:

حالات الطلاق المتزايدة
الطلاق والانفصال الزوجي بسبب النزاعات المستمرة وعدم التوافق النفسي بين الطرفين، هذا نتيجة للعنف النفسي أو الجنسي أو حتى العنف البدني الذي يمارسه أحد الطرفين على الآخر، مما يعني في النهاية إلى زيادة حالات الطلاق وبالتالي تعرض الأطفال للانحراف وعدم التنشئة السليمة، وتشردهم بسبب ما يعانيه من مشكلات الطلاق.

حالات التفكك الأسري
قد يؤدي عنف الآباء والأمهات إلى التفكك الأسري من الداخل دون حدوث حالات انفصال كامل، وهذا له العديد من المظاهر، مثل عدم الاحترام بين أفراد الأسرة، أو ترك الأبناء للوالدين تماماً في سن معينة، او عدم الاستقرار النفسي بين جميع أطراف الأسرة وغيرها من المظاهر.

حالات انتشار العنف في المجتمع
إن زيادة العنف والتطرف في العديد من المجتمعات قد يكون أحد أسبابه عدم التنشئة السليمة، وقد تبدأ مظاهر العنف في المدرسة وفي النوادي أو ضد الأخوة في البيت، ثم يظهر السلوك العدواني ضد الآخرين في الشارع، او محاولة الوصاية على افعال الآخرين والتدخل بالعنف ضدهم وغيرها من المظاهر التي تقود للعنف ضد المجتمع في النهاية.

حالات زيادة جنوح الأحداث
والمقصود بجنوح الأحداث هي السلوكيات المخالفة لتقاليد وثقافة المجتمع، فقد أكد علماء المجتمع وعلماء النفس إلى أن هذه الحالات التي تظهر مستمرة على ما يحدث في المجتمع، قد تكون نابعة بسبب الضعف الأسري والتفكك، وما يحدث من عنف أسري داخل الأسرة الواحدة، وبالتالي تنشئة الأطفال على السلوكيات غير السليمة او السلوكيات المنحرفة.

نشوء مجتمع غير آمن
إن المجتمع غير الآمن والذي يتعرض للعنف المجتمعي، أو يتعرض لزيادة التوتر والقلق فيه بسبب انتشار العنف، وهذا المجتمع بسبب زيادة حالات العنف، قد يعاني من أطفال وشباب ومراهقين من العنف الأسري، وبالتالي يؤدي ذلك إلى ظهور مجتمع ينشأ فيه العنف.

نظريات علم النفس والاجتماع فسرت العنف الأسري في المجتمع

هناك العديد من النظريات التي تتبع علم النفس والاجتماع أكدت على تفسيرات عديدة حول العنف الأسري في جميع المجتمعات، وهذه التفسيرات تنوّعت بشكل كبير ما بين التفسير المجتمعي والنفسي بل وإظهار بعض العوامل الأخرى وهو ما نتعرف عليه من خلال عرض هذه النظريات في النقاط التالية:

نظرية التحليل النفسي لفرويد

 

يعتبر العالم فرويد من أهم علماء مجال علم النفس في القرن العشرين، ولقد ترك لنا العديد من النظريات المفسرة لأفعال البشر، فقد انصبت جل نظريات العنف الأسري لدى فرويد على نظرية تدعى التحليل النفسي، حيث أن النظرية تلك تعتمد في التفسير على عدم قدرة الأنا على المفاضلة بين النزعة الفطرية للإنسان التي تميل للعنف والهدم والتخريب، وما بين التقاليد الموروثة سواء الدينية أو المجتمعية والتي تطغى على كافة النزاعات الأخرى الشهوانية والعدوانية التي تظهر من خلال التعبير العنيف الذي يقوم به الفرد ضد الغير، أي أن خلاصة القول لدى العالم الشهير فرويد حسب هذه النظرية أن العوامل الذاتية والنفسية هي المفسرة لحالات العنف الأسري الظاهرة في كل المجتمعات.

نظرية الصراع المجتمعي
إنها النظرية التي تبناها الفكر الماركسي في تفسيره للصراعات المجتمعية، أو الصراع بين مظاهر الرأسمالية وبين العناصر الاشتراكية في المجتمع، فقد فسرت هذه النظرية إلى أن العنف الأسري هو المظهر الذي ينبع من السطح من الصراع الطبقي المجتمعي سواء السياسي أو الاقتصادي وكذلك الديني، أو الصراع على السلطة، أو صراع المصالح، لذلك غالباً ما يتسلط الطرف القوي على الضعيف حتى في الأسرة الواحدة، لذلك تنتشر سلسلة العنف في المجتمع النابع في النهاية من العنف الأسري، الذي يعتبر بحسب هذه النظرية الحلقة الأولى في هذه السلسلة.

نظرية الاتجاه البنائي الوظيفي في المجتمع
هي من النظريات التي تعتبر المجتمع مجموعة من الأجزاء المترابطة، وفي حالة ظهور الخلل في أحد أجزاء المجتمع، فإنه يظهر من خلال ظهور خلل آخر أو مظهر العنف الأسري، أو عدم وجود التوجيه المجتمعي السليم، وهذا يظهر في الخلل الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وبالتالي يؤثر ذلك في ظهور العنف الأسري.

نظرية التنشئة الاجتماعية

هذه النظرية تعتمد على تفسير العنف الأسري على أساس التنشئة الاجتماعية التي تبنى على التمييز العنصري والديني والثقافي أيضاً، وهذه النظرية تقول على أن هذه العوامل مجتمعة قد تكون السبب في اكتساب العنف، وهو ما يعرف بالمجتمعات الذكورية التي تبرر هذا العنف الأسري، وهو أن يمارس الرجال العنف ضد النساء، كجزء من ثقافتهم السائدة في هذا المجتمع.

علامات تدل على تعرض الفرد للعنف الأسري

هناك العديد من العلامات التي تدل على وجود آثار العنف الأسري ضد الفرد، ومن هذه العلامات، علامات جسدية، ومنها علامات نفسية، فأما العلامات العضوية للعنف البدني بالذات عندما يحدث ضد الفرد مظاهر مثل شد الشعر أو الصفع على الوجه أو الضرب والخنق والعض، كما يمكن أن يكون منع الطعام والشراب، ويمكن أن يكون من ضمن مظاهره الإساءة إلى الأطفال، واستخدام السلاح للتهديد البدني والأذى، أو مظهر من المظاهر قيادة السيارة بطريقة متهوّرة مما يزيد من توتر الأطفال أو الشريك، ويحدث هذا لمجرد التهديد مثلاً.

كما توجد العديد من العلامات التي تدل على وجود العنف النفسي ضد الأفراد، مثل الشتائم والقذف والإهانة وانتقاد الطرف الآخر بشكل مستمر، كما يمكن أن تظهر بعض العلامات النفسية في منع الشريك من زيارة الأهل والأصدقاء أو المنع من الخروج تماماً من المنزل، أو منعه من المحادثة عبر الإنترنت أو الاتصال عبر التليفون والهاتف.

كما يمكن أن يكون من ضمن وجود علامات العنف النفسي إتلاف الممتلكات مثل كسر الهاتف أو اي شيء من هذا القبيل، كما يمكن أن يكون مظهر من مظاهر المراقبة المستمرة لتحركات الشريك والتنصت على مكالماته.

بل يمكن أن يكون من علامات التعرض للعنف النفسي محاولة إجبار الشريك على اختيار الملابس او وضع مساحيق التجميل عند الخروج بالنسبة للنساء أو إجبارها على فعل شىء مشين وغير ذلك من المظاهر.

فالعديد من مظاهر العنف البدني والنفسي تظهر لدى الأزواج والزوجات وكلها تندرج تحت العنف وهذا ما أردنا توضيحه في التحدث عن أنواع العنف الأسري حسب التصنيفات المجتمعية العلمية والنفسية.

في نهاية هذا المقال؛ العديد من المجتمعات الإنسانية حول العالم ظهرت فيه أسباب العنف الأسري ومظاهره، والمجتمعات العربية للأسف الشديد من المجتمعات التي تنتشر فيه هذه الظاهرة، ويعاني الكثيرون منها، شاركنا الرأي عزيزي القارىء، كيف ترى العنف الأسري وانتشاره وتهديده للمجتمع؟

صحافة 

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك