الشاعرة “مهدية سليم” مثال المرأة الكردية الصابرة تتحدث لكوردستريت وتقول : الغربة جعلتني امرأة “صابرة”

المراة و المجتمع 08 أبريل 2017 0
الشاعرة “مهدية سليم” مثال المرأة الكردية الصابرة تتحدث لكوردستريت وتقول : الغربة جعلتني امرأة “صابرة”
+ = -

كوردستريت ـ أفيندار عبدو

.
كانت طفلة خجولة وحساسة من مواليد الحسكة، ورغم أن ظروف الحياة لم تسمح لها بإكمال تعليمها لكنها امتلكت من الذكاء ما جمعت عدد من المواهب في شخصها مثل الرسم والخط والغناء، وفن الإلقاء و التلحين والعزف على آلة البزق لكنها أبدعت في كتابة الشعر باللغة العربية ويبدو إنها تأثرت بوفات والدتها ولم يكمل عشقها لإكمال دراستها ما جعل أغلب قصائدها منسوجاً على أوزانِ حزينة حتى أصبحت مثال المرأة الكردية الصابرة على مصاعب الحياة.

.
إنها الشاعرة “مهدية سليم” حيث حاورها مراسل شبكة كوردستريت فقالت: بأنها تعلمت أيضاً كتابة وقراءة اللغة الكردية منذ إن كان عمرها الحادية عشرة ولأنها أتقتنها قراءة وكتابة في مدة قصيرة، فقد بادرت إلى إقامة دورات تعلم اللغة الكردية في المنازل وتجمع أكبر عدد ممكن من الأطفال الذين يودون التعلم.

.
وأما عن دراستها في المدارس الرسمية، فقد توقفت عن الدراسة في الصف الثالث الإعدادي ، وعللت “مهدية سليم” ذلك لعدم وجود بطاقتها الشخصية التي تثبت جنسيتها السورية فقد كانت ضمن مئات الألاف من المواطنين الكورد المحرومين من الجنسية، وتابعت بأن هذا ما حرمها من اكمال دراستها.

.
رغم إنها كانت من التلاميذ الأوائل في مدرستها، وخاصة من الناحية الأدبية ، فقد برعت إلى حدود شدت من انتباه المعلمين آنذاك إلى الأسلوب الأدبي والإلقائي في الحصص الدراسية، ولا سيما مواضيع التعبير ، فقد كانت دائماً تحصل على العلامة الكاملة في المواضيع التي تدونها ، وتتذكر كيف جاءت معلمة مادة اللغة العربية بعد إمتحانات الفصل الأول ، لتقبل جبهتها وتقول لها ((أنا فخورة بك كثيراً ، فقد نلت المرتبة الأولى في موضوع التعبير على مستوى المدرسة بأكملها ، ونلت العلامة التامة في الموضوع الذي قمت بكتابته ))
لكن بعد تركت مقاعد الدراسة ، فقد تقوقعت على نفسها كثيراً، وسيطر عليها حالة من الكآبة لعدم بسبب عدم اكمال دراستها وعشقها للعلم.

.
كتبت وغنت لثورة روج آفا

.
وحول هوايتها للعزف على آلة البزق تقول “مهدية سليم” بإن حبها للموسيقى والفن ، ما دفعها إن طالبت والدتها آنذاك بشراء آلة بزق كردية لها ((طمبور)) لتتعلمها، رغم دهشة أمها على طلبها..

.
وتابعت أنه بعد إن حصلت على “البزق”، بدأت عن طريق السمع ، والدندنة معها بتعلمها بمدة لم تتجاوز ثلاثة أشهر ، ومن ثم بدأت تطور أسلوبها بالعزف عليها إلى أسلوب آلة “الباغلما” وأضافت بإنها إبتعدت لفترة ما عن العزف والغناء بسبب إنشغالها بالشعر ، لكنها ومع بدء الثورة في روج آفا حسب وصفها عادت إلى الموسيقى، وذكرت أنها ألفت العديد من الأغاني كردية وعربية ، وستهدي لشعبها عن قريب أغنية عن الشهيد من كلماتها والحانها وصوتها..


وشاركت باحتفالات عيد نوروز مع ((فرقة تورهلدان)) حيث طالبوها بالانضمام إليهم لتأخذ الفرقة مكانها على مسرح نوروز .وبدأت وقتها بتأليف عدة أغاني للفرقة وأولها أغنية بعنوان ((أز غريبم)) وأغنية ((ممو يار)) وغيرها وغيرها وإلى الآن ، ثم تطورت إلى كتابة الأغاني العربية أيضاً ..

.
وحول الشعر باللغة العربية تقول “مهدية سليم” كان ذلك منذ ستة سنوات وتقوم الآن بنسخ قصائدها وتجميعها في Cd لتبعثه إلى دار النشر، وسيكون هذا الديوان باكورة أعمالها الشعرية ، وتعلل سبب تأخر نشر ديوانها الشعري، هو مرض أحد أطفالها الذي كان مصاباَ بمرض “التوحد”، وهذا ما حال دون الإنشغال بإمور الدواوين ، والإنشغال بطفلها وإلى الآن لازال يأخذ الكثير من وقتها ، من حيث يجب أن لا يبقى دوماً في إطار البيت ، وتعمل على إخراجه للإندماج مع الأطفال.

.
واضافت بإن إنشغالها بتأليف وتلحين الأغاني العربية يأخذ قسطاً ليس بقليل من وقتها .

.
وأشارت بأن ديوانها الأول سيطبع قبل حلول الشتاء القادم ، وستطلق عليه اسم ((أحجية الألم)) ومن بعده ستبدأ بطبع كتاب صغير للأقوال والحكم التي استنتجتها عبر مسيرة حياتها فقد كتبت للثورة في روج آڤا وللشهيد والبشمرگة .

.
وأما في مجال كتابة القصة “تقول مهدية سليم” بإنها كتبت قصة وعمرها كان في السادسة عشرة بعنوان ((عاشقة القمر)) كانت القصة تتمحور حول عاشقين اسمهما ناصر وجنان أحبا بعضهما كثيراً ، لكن مرض ناصر حال دون تتمة أفراحما بالوصول إلى نهاية سعيدة وأشارت “مهدية سليم” بإنها كانت تجيد سرد وكتابة القصة القصيرة كثيراً في أيام الدراسة وبحكم إن الشاعرة “مهدية سليم” مغتربة في “لبنان” فقد أثر ذلك على قصائدها وتقول في ذلك بأنها مغتربة في جنوب لبنان منذ أكثر من خمس سنوات ، وهنا لا تجد حولها أحداً من الأخوة أو الأقارب ، وفكل منهم أيضاً أخذ مسلكاً له إلى غير بلد هجرةً، ومنهم من بقي في الحسكة. وتابعت أن للغربة آثار سلبية عليها من جهة وايجابية من جهة أخرى أما الآثارالسلبية فقد جعلتها الغربة إمرأة صابرة، لكنها فتحت للحزن البوابة الأكثر وسعاً في مملكتها حسب وصفها ، وجعلتها تشتاق كثيراً لتلتقي بأحضان أبيها وأخوتها فأصبحت تبكي أكثر أوقاتها حنيناً إلى تلك الأيام التي مضت ومضت دون الإلتفاتة إليها.
أما من الناحية الإيجابية من حياة الغربة تقول “مهدية سليم” جعلتها تتعرف على أناس كثيرون ومن جميع الطوائف ، فهنا تجد الكثير من السوريين المغتربين واللاجئين ، سواء من إدلب أو حمص أو حلب ، وأيضاً نسبة لا بأس بها مثل كورد مدينة عفرين ، فأحبوها وأحبتهم.

.
الشاعر ربما يتقن ربط الكلمات لكن قد لا يتقن السياسة والكثير من القراء يقولون إذا ربط الأديب نتاجه بفكر سياسي معين لربما يحرق نفسه أو يصغر بعين الجمهور الذي هو غير متجانس فكرا وعقيدة وسياسة

.
تعلق “مهدية سليم” على ذلك بأنها صدقاً تمقت السياسة ، وتعتبرها لغة الدمار والحرب ، وترى أن الكثيرين من السياسيين ، أمسكوا بزمام السياسة وجعلوها كسكين لنحر الأبرياء والمظلومين ، وتتسأل ماذا حل بهذا الكوكب ، من خلف الأفكار والمبادرات السياسية ، وتقول بأنها تعشق السلام ، وتعشق التألف بين الناس ومن جميع الأديان ، ولأنها تكره الحرب وأحزانها ، وما إن تشهد حدث مؤلم حتى تبكي بحرقة، وقل بأنها لا تحب الأذى حتى لأطفال أعدائها ، فكيف بها ترى أطفال سوريا وغيرها ينحرون ويسقون برذاذ السموم الكيماوية ، ويورون القرى في مقابر جماعية.

.
وأشارت بإنها ضد أن يحتكر قلم الشاعر في سبيل الدعاية السياسة ، وترى بإن الشعر لغة تخلو من الضغائن ، مفعمة بالأحاسيس النبيلة ، ورسم صور جميلة ، وخلق حياة ملؤها الحب والتآلف ، وليست لغة دمار وتفريق وتمزيق

.
وحول النقد الذي يوجه لها تقول “مهدية سليم”: ثمة أشخاص وأكثرهم من الأقارب من دوماً يساهمون في كسر المعنويات ، وعدم الإكتراث لما تكتب ، وعدم منح أي أهمية تذكر لجهود الشاعر ، فقط لأنهم يرونها كونها أنثى في مجتمع شرقي ، ويرى المنقدون بأنه لا يناسبها سوى الإنشغال بإمور البيت ، وتربية الأطفال ، وما إلى هناك ، من الأمور البيتية التي ترضي مبادئهم.

.
لكن “مهدية سليم” تؤكد بأنها وصلت إلى مرحلة من النضوج الفكري والإرادي ، لأن تمنح نفسها سلطة تؤهلها لإدارة نفسها وبيتها ودورها في المجتمع وعلى أكمل وجه .

.
وحول سؤال لمراسل شبكة كوردستريت عن سر الكآبة في أغلب قصائدها من مثل ما وصفت نفسها(في الجذوع أنثى تدنو من شرفات المنية)
تجيب “مهدية سليم”: بأنها فعلاً أنثى تدنو من شرفات المنية ، هذا التشبيه أتى من خلف كلام الناس لها بإنها تبدو صغيرة وجميلة، لكن الحزن المتربع في باحتي عينيها ، يظهر أموراً أخرى، أو تبعث رسائل غير مباشرة عن سر مكنون بين دواخل شخصيتها.
“مهدية سليم” كبرت على فلسفة أوجلان لكنها تكره التعصب السياسي

.
وحول فكرها السياسي تقول الشاعرة الكردية بإنها تربت على فكر حزب العمال الكردستاني وتعتبر فلسفة القائد أوجلان أسطورة المبادئ والقيم الحقيقية ، ولكنها مع كل إنسان كوردي شريف يسعى لبناء وطنه وحمايته وحفظ مكنوناته ، وتمقت أولئك الذين يقومون بزرع الفتن هنا وهناك ، ولا سيما على صفحات التواصل الإجتماعي ، فترى هذا الحزب يستهزئ بذاك ، وذاك يسخر من ذاك ، من تقول بإنها تشعر بالاشمئزاز شدة نزاع والصراعات الحزبية السياسية الكردية، وتقول بإنها مع كل كوردي شريف فقط لاغير ، وتحترم الكاك مسعود البرزاني ، والمرحوم العظيم مصطفى ملا البرزاني ، وتحترم كل پيشمرگة يقاتل لأجل بلده وقوميته ، وتعشق كل كوردي يقول نحن أخوة فلا تقاتلوا بعضكم .

.
وحول كثرة عدد الشعراء الكورد بعد عام 2011 تقول “مهدية سليم” وصل الحال من ارتفاع نسبة الكم من الشعراء إلى انتاج ما وصفته بالفن الهابط سواء كام غنائياً أو شعرياً ، وهناك من يبدع ويقنع الجمهور بمدى جدوى ما ينثره من شعر ، ومنهم من يبقى في إطار المبالغ بما لديه من هوايات مصطنعة ، ولا قيمة لها وأضافت بإن نسبة عدد الفنانين قد كثرت بشكل ملحوظ ولكن دون أن يترك أثر نجمته في سماء الفن ..
أما حول الشعر المتردي فتقول يبدو أنه لأشخاص دون أشخاص، فشعراء الكورد القدامى والكبار، أمثال جكرخوين وأحمدي خاني وسيداي تيريج ، وصالح حيدو ، وفرهادي مردي ، تراهم في المستوى اللائق بهم ، وأضافت إن لديها صديق على صفحة الفيس بوك لقبه “زردشتي كال”، أيضاً له مستقبل باهر في عالم الشعر الكردي.

.
وحول توجه الشعراء الكورد بعد عام 2011 من الكتابة باللغة العربية إلى الكردي ترى مهدية سليم” أن الموهبة تخلق بالفطرة في أي مجال كان ، ومن يكتب بالكردية يبدع فيها إلى الأخير ، مادام هناك من يشجعه ويثني على كتاباته ، وقد يبدع في الكتابة بالعربية ايضاً إذ ما كان موهوباً ومتمكناً حد البلاغة فيها ، أما غير ذلك فالذي يكتب بالعربية إن تحول فجأة للكتابة باللغة الأم فمن الصعب أن يبدع ، فبحور المفردات الكوردية مثلها مثل العربية متدفقة وشديدة الزخم ، وعلى الشخص أن يكون نداً لها .

.
وأضافت بإنها منذ صغرها كانت مبدعة في اللغة العربية ومفرداتها كثيراً ، لكنها وللآن لا زالت تكتب باللغة الأم الكردية ، وتخصه في مجال الغناء، أي أني أجعل قصائدي الكوردية أغانٍ أهديها لمن يغنيها.

.
وتقول لاغنى عن لغتها الكوردية الجميلة والأصيلة ، ولأنها أحبتها فقد أتقنتها كتابة وقراءة قبل أكثر من 25سنة

.

وفي نهاية حديث الشاعرة الكردية “مهدية سليم” تقدمت بالشكر لشبكة كوردستريت ومراسليها، ختمت بهذه الأبيات التي أهدتها إلى الكورد الشرفاء وهي بعنوان كرديٌّ
كرديٌّ أبيٌّ من في وجهِ الظُلمِ زجر
بركانٌ أنا بين ثنايا صمت الكون إنفجر
مدَّ جناحيهِ كالصَّقرِ في الميدانِ حضر
صرخَ أنا الموتُ للبطشِ فاحذر الخطر
أنا صانعُ الأمجادِ أختارُ لنفسي القدر
وبنضالي باتَ النَّصرُ على مرمى حجر.

.

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك