وقفة عند الضمير

آراء وقضايا 03 سبتمبر 2016 0
وقفة عند الضمير
+ = -

الضحاية الواحد والسبعون الذين قَضَوا في شاحنة الموت النمساوية
آلان الكوردي ذلك الطفل الذي تحول الى رمز من رموز معاناة الطفولة من تشرد , جوع , تهجير ومواجهة الخطر
حادثتان كان بينهما خمسة أيام الأولى حدثت في الخامس و العشرين من شهر آب و الثانية حدثت في الاول من شهر ايلول

.
مما لا شك فيه إن ما حدث لآلان ذلك الطفل البريء شيء يندى له الجبين و تدمع له العيون و لكن ألا يستحق واحدٌ و سبعون ضحيةً أغلبهم بالغٌ راشد معظمهم من المثقفين و أصحاب الشهادات الجامعية أي إنهم النخبة جزئاً من هذا التطبيل و التزمير و الضخ الإعلامي من أجل آلان ؟

.
طبعاً لا وجه للمقارنة في الموت فالموت مرٌّ بكل ظروفه و لكن سأتوقف عند أحد ضحايا شاحنة الموت ألا و هو #مسعود محمد شريف يوسف # ذلك الشاب البالغ من العمر أربعةً و ثلاثين عاماً المهندس المثقف المتقن لأربع لغات غير لغته الكوردية ( الإنكليزية, الفرنسية , التركية و العربية ) مسعود الذي قضى عشرين عاما و هو يدرس ليتخرج مهندس في مجال الغزل و النسيج فيكافئ من قبل الحكومة السورية و بعد مشقة ليوظف كمدرس لمادة الفيزياء لا لشيء فقط لأنه كوردي حيث لم يرضى بهذه الوظيفة و لكن و بعد أخذٍ و رد رضخ للأمر الواقع و عندما سائت الأوضاع تطوع في منظمة أطباء بلا حدود في مدينته قامشلو مرة أخرى ضاقت به السُبُل به فالتجأ الى كوردستان العراق حيث تتواجد عائلته و هنا أيضاً إصتدم بجدارٍ أسوأ من الجدار الذي قابله في سوريا فرغم كل هذه الإمكانات العلمية التي يمتلكها إلا انه و رغم كل محاولاته لم يجد فرصة عمل حتى في أسوأ المنظمات سيطاً لا هو و لا أخته التي تخرجت من قسم الرياضيات و ما السر وراء ذلك لا أدري ؟

.
مع العلم إن الأمي و أصحاب الشهادات الوسطى يتوظفون في تلك المنظمات
مرة أخرى قرر الهجرة من المهجر الى المهجرالى بلاد الغرب لعله يجد من يقدر هذه الإمكانات التي يملكها و بعد رحلة دامت أكثر من شهرين بين توقف و سير وإبحار و صل الى بر الأمان أو ما كان يظنه بر الأمان الى الحدود النمساوية التي بعد أن يجتازها تكون تلك أخر رحلة له في الخطر و فعلاً كانت أخر رحلة له و أطول رحلة حيث كان ملك الموت متربصاً له و لرفقته خلف باب ذلك البراد اللعين
تلك الرحلة التي كان من المقرر أن لا تدوم أكثر من ساعتين أصبحت رحلة أبدية

.
الموت حق و لكن القِصاص حقٌ أيضاً فالجُناة و القتلة ما زالو أحيائاً , المحاكم النمساوية لم تفعل شيئاً بهم , باللإضافة الى السكوت المشبوه للإعلام و منظمات حقوق الإنسان
قد يستغرب البعض لماذا أطلتُ في الحديث عن هذه الحادثة
لم أقصد المقارنة لا و اللهِ فكما إن مسعود كان غالياً على قلب أبيه فإن آلان غالي على قلب أبيه و لكنني كتبت ما كتبت لأن الحادثتين حدثتا في وقتٍ متقارب إلا أن أبو مسعود قد أحيى ذكرى فقده لإبنه في مخيم دار شكران لوحده دون أن يشاركه أو يتذكره أحد غيره و من مساوء الصدف إنه في نفس ذلك المخيم أحيى فيه أبو آلان ذكرى إبنه بحضور إعلامي كوردي و غربي مع حضور المنظمات و الفرق الفلكلورية و الأحزاب الكوردية من كوردستان سوريا و العراق

.
أتذكر جملة قالها أبو مسعود الذي كان حاضراً هناك حينما قال لي و بقيت غصة في قلبي : لو إنه وصل إلى هناك و عاش فقط سنتين من الحرية و الكرامة التي بحث عنها هنا لما حزنتُ كل هذا الحزن .

.
مسعود ذلك الشاب الخلوق الهادئ المهذب المثقف ألا يستحق أن أقول له و لو كلمة وفاء؟
رحمك الله يا مسعود
أخيراً أقولها كل الشكر للأخ و الصديق شيروان ملا ابراهيم مراسل قناة أورينت لأنه الوحيد الذي تذكره و أجرى مقابلة مع ابو مسعود .

.

عبدالرحيم اسماعيل

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك