البحر يبتلع آمال السوريين وأبناءهم

كوردستريت- سامية لاوند /
.
فانييس ملامح وجهه يبدو أكبر سناً مما كان عليه قبل أشهر ، ولاسيما عندما يتخطف النظر في عيني زوجته , لايمل الحديث مراراً عن عودة كمال المرتقبة ، فعندما تتصفح حسابه الشخصي تجد المئات من المنشورات الحزينة للقارىء والمليئة بالأمل لذاته .
.
كمال يبلغ الثامنة عشر ، طويل القامة ، عيناه بنيتان لايعرف السباحة بهذه الكلمات يصفه فانييس لتذكر فجأة ما قاله آنفاً بأنه لايعرف السباحة فكيف له أن ينجو من أنياب البحر الهائج .
.
نعم فالهجرة غير شرعية باتت سيد الموقف لدى السوريين , ففي حين أكدت التقارير الأخيرة الصادرة عن الاتحاد الأوروبي بوصول ما يقارب 750 ألف لاجىء غير شرعي إلى القارة العجوز , مع ما حملته تلك الهجرة من عشرات القصص المأساوية , كحادثة كمال وغيره أكدت العشرات من التقارير الأخرى بفقدان المئات دون معرفة مصيرهم .
.
كذلك هي سيماف البالغة عشرة أعوام نجت من مخالب البحر , بعد أن فقدت ثلاثة من أفراد عائلتها في ” مركب القدر ” , الذي وصفته جدتها بذعر ، ليحتموا مرة أخرى تحت تراب مدينة عامودا .
.
فقد حذر الاتحاد الأوروبي والدول الأمريكية مراراً من هذا النوع من الهجرة , وأصدرت قرارات عدة بما يخص ذلك , لكن رغبة الناس بحياة أفضل لم تتوقف , ولا سيما باتجاه ألمانيا , حيث يحتمي فيه معظم الكورد , فبعدما كان الكورد يصفون جورج بوش “بأبو آزاد ” , باتوا يصفون المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل “بأم آزاد ” , كذلك الوضع عند ” أبو أحمد ” الذي اتجه مع سبعة من أفراد أسرته إلى درب الهجرة , لكنه عاد وحيداً , تركهم جثثا هامدة يناجي الأمم والدول بتقديم يد العون , أقله في إعادتهم أموات , لأنه لايملك مبلغاً مالياً كافياً , كما يقول , فقد سلب المهرب كل ما في جيبه , بعد أن كان قد ملؤه بالوعود والعهود .
.
فالمهرب عبدالباسط أوسو كان قد تكفل بتهريب كمال إلى بر الأمان , إلى موطن الأحلام , ينفي تقاضيه أجر أو إغراءهم بالسفر , لكن فانييس يعود مجدداً ليطالب لا بالمال بل بكمال حياً , كما ودعه آخر مرة ليُعاود القول :” هل ماتت الإنسانية حقاً ؟ ففانييس والعشرات من الآباء يعقدون الأمل لمعرفة مصير أبنائهم مناشدين المنظمات المعنية وخفر السواحل ودول الاتحاد الأوروبي بتكثيف عمليات البحث .