المخفي والمستور في حرب غزة

آراء وقضايا 17 نوفمبر 2023 0
المخفي والمستور في حرب غزة
+ = -

كوردستريت || آراء وقضايا 

علي مسلم

ثمة قضايا تبدو دوافعها واضحة للعيان، وثمة أخرى تكون دوافعها محجوبة، ولا ينبغي الوقوف عند بعض التفاصيل والجزئيات الثانوية حين تناول قضية بحجم الحرب، ولا بدا من البحث عن التفاصيل والخلفيات، فالشيطان يكمن في التفاصيل كما يقول المثل، ولا بدا من دغدغة الشيطان في بعض الأحيان حتى نحظى ببعض التفاصيل، ومعرفة ما يكمن خلف الستار، فالبرغم من قباحة وجه الحرب، إلا أنها كثيراً ما تتحول الى استراتيجية لا بديل لها، بغية الوصول الى الغايات حين تعجز الدبلوماسية في الوصول اليها.

كتب الصحافي الأمريكي المعروف توماس فريدمان مقالة في غاية الأهمية ونشرها في جريدة نيويورك تايمز في شهر حزيران الفائت، تناول فيها نوايا إدارة بايدن في عقد صفقة مهمة مع المملكة العربية السعودية، وقد أشار الى بعض المطالب الضمنية التي تقدم بها بايدن، حيث انحصرت هذه المطالب في حاجة بايدن الى السعودية من أجل تدشين حملته الانتخابية في اذار 2024 وذلك من اجل تعزيز موقفه الداخلي إبان حملته الانتخابية القادمة، الى جانب السعي الى عقد صفقة بغية تطبيع العلاقة بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، بما في ذلك اتفاقية أمنية كبرى تتناسب مع الاتفاقات الأمريكية المماثلة مع اليابان او استراليا وذلك خارج نطاق حلف الناتو، من جانب آخر أشار الى ان السعودية تطالب مقابل ذلك بحل القضية الفلسطينية على أساس الدولتين بحيث تكون فلسطين دولة مستقلة ذات سيادة كاملة الى جانب دولة إسرائيل، مشيراً الى ان المملكة العربية السعودية لديها المقدرة على فرض القضية الفلسطينية في مختلف المحافل الدولية، وقد أشار بكل وضوح الى ما صرح به ولي العهد السعودي محمد بن سليمان حين قال أنه “على أمريكا ان تمضي قدماً في هذا المسار إذا كان المطلوب هو السلام الحقيقي بين السعودية وإسرائيل”.

 

كما أشار فريدمان في مقالته الى ان بايدن اشترط على السعودية تقليص علاقاتها مع الصين، مما اثار حفيظة السعودية واعتبرها محمد بن سلمان إساءة بحق المملكة، حيث أشار الى أن زمن الإملاء قد عفا عليه الزمن في إشارة واضحة الى قدرات المملكة العربية السعودية ودورها المتنامي في المحافل الإقليمية والدولية، فكما أن السعودية بحاجة الى الصين، فإن الصين بدورها بحاجة الى السعودية وكذلك الأمر بالنسبة لإسرائيل، فالعلاقة بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية ستفتح أمام إسرائيل أبواب العالمين العربي والإسلامي على مصراعيها، ولا ينبغي وضع السعودية امام خيار من هذا النوع، فهي الى جانب حاجتها الى شراكة اقتصادية مع الصين، فهي بحاجة أيضاً الى التحالف مع أمريكا من أجل حماية مصالح البلدين.

 

في مجمل الأحوال ثمة صفقة، وهناك اتفاقيات، وهناك شغف وحرص إسرائيلي من اجل تمتين العلاقة مع السعودية والذهاب نحو تطبيع شامل، مقابل ذلك تسعى السعودية نحو تجسيد حقوق الشعب الفلسطيني مقابل أية صفقة او اتفاق، وقد تعمد الكاتب في نهاية مقاله ان يشير الى أن هذه المهمة فيما لو فشلت فستبقى الخيارات الإقليمية مفتوحة على كل الاحتمالات، فإيران المتربصة لا تحتاج سوى الى بعض الأضواء الخضراء الخافتة حتى تنقض على جيرانها الأغنياء، بينما مؤشرات الحرب الأولية تشير الى ان زمن النفوذ الإيراني الإقليمي قد ولى، وما الحرب الكبرى على حركة حماس إلا بداية الغيث، وسيكون غيثاً شاملاً، ولا بديل عن ذلك.

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك