شروط بناء الشخصية الكردية السورية المستقلة وجهة نظر!

آراء وقضايا 15 سبتمبر 2023 0
شروط بناء الشخصية الكردية السورية المستقلة وجهة نظر!
+ = -

كوردستريت|| آراء وقضايا 

بقلم علي مسلم

تستحوذ مسالة استقلالية القرار السياسي وبناء الشخصية السياسية المستقلة الحيز الأكبر من الاهتمام لدى القوى والشخصيات والأحزاب السياسية الناهضة، لما لذلك من أهمية على مجمل سياقات الفعل والتأثير، وبالتالي تركيز العمل ما أمكن على القضايا السياسية والاجتماعية الخاصة بالحالة الوطنية ضمن الإطار الحدودي لمكان الانتماء، وهذا لا يعني بطبيعة الحال الوقوع في فخ الانعزالية والتقوقع، وبالتالي الاستعداد غير المعلن لمغادرة المشهد السياسي نتيجة ذلك، فثمة قواعد أساسية ناظمة يجب الاخذ بها، مثل الاعتماد على المشتركات الوطنية كبداية للعمل ضمن التكوين الوطني الواحد، شريطة الحفاظ على المزايا والخصوصيات القومية وفق محددات دستورية تضع الجميع على سوية واحدة من الاهتمام، وبناء علاقات متكافئة تحقق مصلحة جميع الأطراف على حد سواء، مع الأخذ بعين الاعتبار طبيعة العلاقة، ومحددات التعاون وأبعادها، والأهداف المرجوة من هذه العملية.

فمن أجل البدء بتوفير بيئة حقيقة لتحديث الحياة السياسية في أي مجتمع لا بدّ من التطرق الى العوامل التي تؤثر على استقلالية القرار السياسي، وهذا ليس بالأمر السهل نظراً لتشابك وتداخل مصالح الفئات التي يتشكل منها المجتمع، وبالتالي مدى تأثر هذه الفئات بالأجندات القادمة من خلف الحدود، حيث ان المجتمعات النائية لا يمكن لها ان تنمو أو تتطور دون أن تتعرض الى تأثير هذه الأجندات بصورة او بأخرى، على اعتبار أن قوة راس المال هي التي تحدد وجهة النمو والتطور في هذه المجتمعات ولو بدرجات متفاوتة.

فالشخصية المستقلة لأي كيان سياسي هي التي تمهد لعملية استقلالية القرار، لهذا لا بدّ من اتخاذ قرار الاعتماد على النفس، دون الحاجة الى اي توجيه او تدخل من شخص اخر، أو من جهة أخرى، وهذا لا يعني التعصب لرأي او قرار فذلك قد لا يصب في مصلحة الحالة السياسية الناشئة، أو الجهة السياسية القائمة، ولتحقيق ذلك لا بدا من اتباع القواعد الأساسية التالية:

أولاً: الاعتماد على الموارد المحلية كشكل من اشكال الاعتماد على الذات، أو البحث عن مصادر تمويل متعددة دون الارتهان الى جهة واحدة، فالاستقلالية تتمثل إذاً في الحصول على موارد مالية، ومن مصادر مختلفة، الى جانب عدم القبول بالشروط التي تضعها الجهات المانحة للمساعدات، وبعكس ذلك سيكون مبدأ استقلالية القرار في حالة تأرجح، كون بعض الاشتراطات تدخل في عملية صنع القرار على كافة المستويات التشريعية والاقتصادية والسياسية، لهذا نجد أن اقتصاديات دول عالم الجنوب في الوقت الراهن تتراوح بين جدل الاعتماد على المعونات الدولية، وتحديات الاعتماد على الذات.

ثانياً: الجرأة في طرح وتحديد المشاكل وتحديد سبل مواجهتها، وفي هذا السياق لا بدّ من التوجه الى الراي العام الذي يعبر عن اتجاهات افراد المجتمع حيال مشكلة معينة مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار انتماءهم الى بيئة اجتماعية واحدة، وملاحظة أن الرأي العام متغير وغير ثابت بين كل فترة وأخرى، لكنه مهم ولا يمكن تجاهله تحت اية ظروف.

ثالثاً: حصر ساحة النضال في البيئات المحلية: وهذه القاعدة قد تكون مرتبطة الى حد كبير ببيئات العمل الكردية سيما القوى السياسية منها، فالتقسيمات السياسية لكردستان الكبرى قد فرضت واقعاً قطرياً ينبغي الالتزام بها ولو مرحلياً، وقد عملت بعض القوى السياسية في الأجزاء الأخرى الى رفض هذه التقسيمات على المستوى النظري عبر استمالة العواطف، وبالتالي تم توجيه كل الطاقات اللوجستية (المادية والبشرية) في الأجزاء الأخرى الى جزء كردستاني واحد (تجربة حزب العمال الكردستاني)، وهذا ما ساهم الى حد بعيد في تشتيت القرار السياسي الكردي، وقد دفع كرد سوريا الضريبة الأكبر في هذا السياق، لدرجة أن الكرد في كردستان سوريا اعتبروا خزاناً بشرياً لا ينضب، مما أفقدهم القدرة على التحكم بالموارد البشرية والمادية، وباعتقادي لو ان الكرد في سوريا حصروا مطالبهم في كردستان سوريا لتبدلت الصورة كلياً، لهذا يتوجب علينا العمل من الآن فصاعداً من أجل حصر مطالبنا السياسية ضمن البيئة السورية المحددة، وعدم الانجرار وراء الشعارات الوهمية من قبيل توحيد الطاقات من اجل تحرير كردستان الكبرى، فبقدر تحديد المطالب السياسية يمكن صيانة القرار السياسي، والعكس بالعكس.

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك