صحيفة اسرائيلية : موسكو ومستنقع الشرق الأوسط

صحافة عالمية 21 ديسمبر 2016 0
صحيفة اسرائيلية : موسكو ومستنقع الشرق الأوسط
+ = -

كوردستريت / شق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طريقه بعد ظهر أمس نحو عرض للمسرحي والدبلوماسي المعروف الكسندر غربويدوف. وكان غربويدوف السفير الاخير لروسيا الذي قتل، وقد حصل هذا في 1829 في طهران. وفي طريقه إلى هناك تبين لبوتين بأن في المرة الاولى منذئذ مرة اخرى اغتالوا سفيرا روسيا. هذه المرة في أنقرة.

.
ملابسات موت غربويدوف تشير إلى السبيل الذي يتبين فيه أن الشرق الاوسط لم يتغير تماما: فبعد الحرب بين فارس وروسيا، والتي أهانت فيها روسيا الفرس، حصل الروس على حقوق الدفاع عن المواطنين الارمن وغيرهم. فقد هربت امرأتان ارمنيتان ومخصيان من قصور الشاه الإيراني وتلقوا ملجأ في السفارة الروسية. رفض غربويدوف تسليمهم للفرس الغاضبين، الذين رأوا في ذلك اختطافا لمسلمين على ايدي الكفار. فتجمع جمهور غفير حول السفارة، قاتل ضد قوة القوزاقيين الصغيرة التي كانت تحميه واقتحمت غرفة السفير حيث تمترس مع المرأتين الارمنيتين. وأعلن مُلا شيعي بأنه توجد فتوى لقتله، فأطاع الجمهور، كما تدعي المصادر الروسية بلغة أدبية. أخذ بائع كباب فارسي رأسه ووضعه على وتد. اما جثته فسحلت في شوارع طهران.

.
روسيا متدخلة مرة اخرى في الشرق الاوسط. وهي مستعدة لأن تدفع ثمنا على تدخلها في سوريا وعلى تأييدها لنظام بشار الاسد الاجرامي، وهي تدفع أثمانا باهظة. القيصر الحالي في موسكو، فلاديمير بوتين، لا يخجل القياصرة الاكفاء في الماضي، وقد أهان اردوغان والاتراك بعد اسقاط الطائرة القتالية الروسية. ومثلما في حينه، فإن الجماهير التركية – الاسلامية والعلمانية على حد سواء، من مؤيدي اردوغان ومؤيدي عدوه اللدود فتح الله غولان يمقتون روسيا. وليس عبثا ان كان منذ الاغتيال رجل قوات الامن التركية. ان الضغينة تجاه الروس وجرائم الحرب في سوريا هي ظاهرة عموم تركية، عموم سنية، ولا حاجة للبحث عن عنصر جهادي (هذا أيضا قائم) في دوافع مطلق النار.

.

يوجد احتفال كامل في العالم وفي إسرائيل حول الكفاءة المثيرة للانطباع لدى بوتين في استخدام القوة، ولكن يوجد تجاهل للاثمان لاستخدام القوة: طائرة يسقطها داعش في طريقها من سيناء، اسقاط الطائرة الروسية، هذا الاغتيال وغيره وغيره.

.

فالسنة لن ينسوا للروس ارتباطهم بإيران، بالشيعة وبالعلويين، والأثمان ستكون بعيدة المدى. في المدى القصير، اوضح اردوغان وبوتين على الفور، بطريقتهما، بأنهما لا ينويان جعل هذه اللحظة «لحظة فرانتس فرديناند، على اسم الاغتيال الاكثر فتكا في التاريخ، ذاك الذي أدى إلى الحرب العالمية الاولى.

.

لا يوجد أي سبب. فبوتين اهان اردوغان حول اسقاط الطائرة الروسية لدرجة أن أنقرة اختلقت قصة كاذبة تقول ان حادثة الطائرة قامت بها طائفة غولن، الذريعة الدائمة للرئيس وكبش الفداء لكل أمر سيء يحصل في تركيا، من حالة الطقس وحتى أزمة السير في اسطنبول. طالما كان السلطان في أنقرة والقيصر في موسكو يتفقان، فلا يوجد احتمال كبير للتصعيد.

.

في 1829 كان ينبغي للشاه الفارسي أن يبعث بأكبر ذخائره، «جوهرة الشاه»، 88 قراط، إلى القيصر الروسي. وقد منع هذا الحرب؛ اما هذه المرة فلا حاجة حتى لهذا.
نداف ايال
يديعوت 20/12/2016

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك