هآرتس: استقالة الحريري.. تهديد على سيطرة ايران وحزب الله في لبنان

صحافة عالمية 06 نوفمبر 2017 0
هآرتس: استقالة الحريري.. تهديد على سيطرة ايران وحزب الله في لبنان
+ = -

بقلم: تسفي برئيل

.
بعد سنة بالضبط من تكليف الرئيس اللبناني، سعد الحريري، تشكيل حكومته، لم يكبد الحريري نفسه عناء العودة الى لبنان لنشر بيان استقالته فيه، بل أطلقه من السعودية مرفقا به تفسيره “للوضع في لبنان الذي يذكر بعهد اغتيال أبيه رفيق الحريري” وأن “ايران تحاول تدمير العالم العربي وأن سلاح حزب الله موجه ضد السوريين واللبنانيين”. فهل الخوف من تصفيته هو الذي يقف خلف قراره؟ نشرت وسائل الاعلام السعودية تفاصيل قليلة عن نية كهذه مقتبسة مصادر تفيد بأن أبراج الرقابة التي تتابع قافلة سيارات رئيس الوزراء لضمان أمنه، تعطلت، وذلك على ما يبدو منعا لاستدعاء المساعدة عند تنفيذ الاغتيال. ولكن اذا كان هذا هو بالفعل سبب الاستقالة، فلماذا لم يعلن عنها في بداية الاسبوع عند وصوله الى السعودية يوم الاثنين. يبدو أن الاسباب الحقيقية تتعلق بما سمعه في السعودية في الزيارتين اللتين عقدهما هذا الاسبوع، ولا سيما الزيارة التي أسمعه فيها تامر السبهان، الوزير السعودي لشؤون الخليج، عن أداء حكومة لبنان وفشلها في صد حزب الله والنفوذ الايراني في لبنان.

المعركة التي لا هوادة فيها بادارة ملك السعودية سلمان وإبنه محمد، الذي يدير المملكة عمليا، وجدت صعوبة في هضم استمرار ولاية وزراء من حزب الله في حكومة الحريري. فمنذ تشرين الثاني الماضي، الشهر الذي تشكلت فيه الحكومة، تشد السعودية على أسنانها حيال الخطوات السياسية التي يتخذها الحريري، بعد اربعين يوما من اقامة حكومة الوفاق والتي نجحت حتى الآن في الحفاظ على الاستقرار السياسي. وكان هذا الاستقرار تحقق ضمن امور اخرى، بفضل تنازل الحريري لحزب الله (وعلى أي حال لايران)، بما في ذلك الامتناع عن المطالبة بنزع سلاح حزب الله (رغم اعلانه أن هذا السلاح غير قانوني)، التعاون بين الجيش اللبناني وحزب الله في الحرب على الحدود اللبنانية في بلدة عرسال وطرد داعش من قرى الحدود الشرقية، وتأييده لتعيين ميشيل عون رئيسا للبنان، مرشح حزب الله، والذي عينه ايضا رئيسا للوزراء. الحوار السياسي “المرن” الذي أداره الحريري مع حزب الله أغضب ايضا عددا من مؤيديه البارزين في لبنان ممن طلبوا تحذيره من فخ العسل الذي أعده حزب الله، ولكن يبدو أن الحريري كان مقتنعا بقدرته على استخدام المنظمة لاغراضه.

وبالفعل، ساعد حزب الله الحريري في ادارة الحكومة، وخلافا لسلوكه في الحكومات السابقة لم يمنع مبادرات حكومية واجتهد لعدم احراج الحكومة التي يشارك فيها. المشكلة هي أنه كلما مرت الاشهر تبين ليس فقط للبنانيين، بل ايضا للسعوديين، بأن مرعيهم الذي يحمل في حقيبته جواز سفر سعودي وفرنسي يجد صعوبة في أن يقرر اذا كان هو “سعوديا أم ايرانيا”. والغضب السعودي تفجر بعد أن أعلن علي أكبر ولايتي، مستشار الزعيم الايراني الاعلى، علي خامنئي، يوم الجمعة اثناء زيارته للبنان بأن “انتصار لبنان على الارهاب هو انتصار للمقاومة (أي حزب الله)، وأن ايران ستواصل الحفاظ على لبنان ولن تسمح للامور بالعودة الى ما كانت عليه سابقا”. واللقاءات التي عقدها ولايتي في لبنان مع الرئيس ميشيل عون، مع رئيس الوزراء ومع رئيس البرلمان نبيه بري، في اليوم الذي عقد فيه فلادمير بوتين زيارته في طهران، شدت حتى أقصى مدى شفا الصبر السعودي. فايران لا تظهر فقط على الملأ دورها في الشؤون اللبنانية وتحاول جذب روسيا ضد السعودية، بل إن رئيس الوزراء الحريري يستضيف المندوب الايراني وكأنه حليفه.

ويمكن للرحلة العاجلة التي أجراها الحريري الى السعودية أن تشهد على واحدة من امكانيتين، إما أن يكون تسلم رسالة من ولايتي كي ينقلها الى ملك السعودية أو أن يكون استدعي لحديث توبيخ بعد “عدم فهمه” للتلميحات الواضحة التي أسمعتها في أذنيه القيادة السعودية في يوم الاثنين. مشكوك فيه أن تكون هناك رسالة ايرانية ما، بل إن استقالة الحريري هي دليل على أن السعودية عرضت عليه مطالبة انذارية ليس فقط للكف عن سياسة التنازل لحزب الله، بل أن يستقيل من منصبه كي يدفع ايران وحزب الله الى طريق مسدود في لبنان.

الطريق المسدود هو على ما يبدو ما ينتظر لبنان الآن الذي تمر فترة عليه حتى ينتخب رئيس وزراء جديد. ومع أن الحريري سيبقى في منصبه الى أن يوجد له بديل، ولكنه سيكون متحررا من الاتفاقات التي توصل اليها مع حزب الله، كما يشير الى ذلك النقد الذي وجهه أمس ضد المنظمة بعد بيان الاستقالة. نظريا، يمكن للرئيس اللبناني أن يكلف باقامة الحكومة وزير أو نائب آخر، ولكن تجربة الماضي تفيد بأن تشكيل حكومة وفاق في لبنان مثلها مثل الاقتناص لفيل. والسيناريو المتفائل يتحدث عن فترة اسابيع كثيرة قبل أن تتشكل مثل هذه الحكومة. أما السيناريو الاسوأ فيطرح التخوف من مواجهات عنيفة بين مؤيدي الحريري ومؤيدي حزب الله، شغل مليشيات مسلحة واعمال ثأر ضد لاجئين سوريين، ممن يعلقون على أي حال منذ زمن بعيد في هجمة مدنية غير عنيفة تطالب بتركهم لبنان.

يفهم حزب الله وايران جيدا التهديد الذي تضعه أمامهما استقالة الحريري. والرد الايراني الذي يقول إن “الاستقالة هي مؤامرة من السعودية والولايات المتحدة” يدل على التخوف الايراني من فقدان السيطرة في الساحة اللبنانية التي دارت حتى الآن، الى هذا الحد أو ذاك، برضى من طهران. وفي نفس الوقت يجدر على المرء ألا يسارع الى تبني سيناريوهات المصيبة التي تفيد بأن حزب الله سيستغل الاستقالة كي يهاجم اسرائيل لاستعراض سيطرته في الساحة السياسية.

 

راي اليوم

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك