تركيا تخوض حربها الخاصة في سوريا تحت غطاء محاربة الداعش

آراء وقضايا 06 أغسطس 2015 0
تركيا تخوض حربها الخاصة في سوريا تحت غطاء محاربة الداعش
+ = -

مصطفى عبدي/ كوباني

.
جاء التفجير الارهابي الذي ضرب مدينة سروج الحدودية مع سورية قرب كوباني بمثابة اعلان رسمي من داعش في حربها ضد تركيا أولا والكرد الذي تم استهدافهم بالتفجير ثانيا، فالضحايا كانوا مجموعة من المتطوعين القادمين من عدد من المدن التركية متوجهين الى كوباني وهم يحملون هدايا لأطفالها، وفي مبادرة للدعوة لإعادة اعمار مدينة دمرتها الحرب وحولتها الى أنقاض.

.
تركية ظلت لعامين محمية من هجمات داعش، وهي التي كانت تشاركها حدودا بطول يتجاوز الـ 250 كم، ومعبرين حدوديين، مع اتهامات كثيرة بعلاقاتها مع التنظيم او كونها ممر آمنا لتجنيد الأجانب وخاصة من بوابة تل أبيض.

.
ومن المؤكد انها لن تتخلى عن امتلاك مفتاح داعش، خاصة وأنها تلعب دورا كبيرا وواسعا في الثورة السورية منذ انطلاقتها كثورة سلمية حتى تحولها الى ” ثورة مسلحة” ومن ثم دخول كتائب راديكالية على الخط من أمثال جبهة النصرة وبروز داعش واعلانها الخلافة وتوغلها في الاجرام.

.
فتركيا منذ البداية أعلنت طلاق نظام الأسد والوقوف الى جانب الشعب السوري، وحولت أراضيها الى مركز سياسي للمعارضة السورية ومؤتمراتها حتى اعلان تشكيل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، ومن ثم اعلان الحكومة السورية المؤقتة، الى جانب ان استقبالها لمختلف الفصائل العسكرية/ الجيش السوري الحر، وبالتالي فإنها نجحت تماما في ضبط غالب المفاتيح العسكرية، والسياسية في سوريا، الى جانب أن لها علاقات غير مباشرة مع النظام السوري عن طريق روسيا وإيران.
هل داعش أعلن الحرب، أم تركيا؟

.
بحسب العديد من التقارير الاستخباراتية، والإعلامية فإن علاقة الصداقة، وحسن الجوار هي اللغة التي كانت سائدة بين دولتي البغدادي، و أردوغان وان اعلان الحرب الأخيرة جاء من قبل الأول بالتفجير الانتحاري في سروج، واطلاق النار على الجيش التركي قرب كلس/ الراعي، ولتتوارد الاخبار عن ارسال داعش لتعزيزات من الرقة الى جرابلس ومنبج وتهديدات مبطنة بمواصلة الهجمات على الجيش التركي، ليأتي الرد التركي بعد حرج بقصف مواقع التنظيم داخل سورية بالمدرعات، وبغارة جوية واحدة فقط قرب المنطقة الحدودية مع التأكيد الرسمي بأن مقاتلاته لم تدخل الأراضي السورية.

.
هل داعش من أصدرت قرار الحرب إذا؟ أم هم مجموعات استخباراتية، هدفها جر تركية، والضغط عليها للقبول بشرط التحالف والسماح باستخدام اراضيها وقاعدة انجرليك أم هي الاستخبارات التركية نفسها التي كانت تبحث عن حجة، لتعلق عليها أسباب التدخل في سوريا سواء بإعلان منطقة حجر الطيران كما تطمح او كمبرر في الحرب على داعش بحسب ما كتبه المحلل العسكري “تسفي بارئيل”.

.
لكن من المؤكد علم الاستخبارات التركية المسبق بالتفجير الإرهابي في سروج، ولو كانت النية إحباط التفجير لنجحوا في ذلك، ولكن كان التخطيط هو استغلال العمل الإرهابي لتركيز أكبر قدر من جنود الجيش في قلب المدينة “سروج” القريبة جدا من المدينة “كوباني”.

.
السلطات التركية علمت بتجمع ينظمه متطوعين غالبهم أتراك هذه المرة لدخول “كوباني” ومساعدة أهلها هناك والعمل على إعادة اعمارها. وهذا ما تخشاه أنقرة كثيرا وهو أن تتعمق العلاقة بين مدينة “كوباني” التي يحكمها العدو بمفهوم الحكومة التركية، وبين ” الشعب التركي” وليس الكرد فحسب.
.
رغم أن حاكم سروج نفى مطلقا أن تكون لديهم أية معلومات استخباراتية مسبقة، ولكني كنت في سروج وقتها ولاحظت منذ صباح يوم التفجير حركة غير اعتيادية للأمن، وكانت هنالك حواجز كبيرة في مدخل المدينة وكان يتم تفتيش كل السيارات، وأيضا أغلقت البوابة الحدودية كليا وقتها مع كوباني فيما من المفترض ان تكون مفتوحة للعائدين اليها، كما وأن كانت تسري بين الناس اشاعات عن دخول انتحاريين من داعش للمدينة قبل ذلك.

.
من جهة أخرى فان قياديي داعش يعلمون تماما بأنهم يمتلكون ارضية خصبة في تركية، وهم الذين نشطوا فيها، بخلايا ومجموعات منتشرة، وبخاصة وان تركية كانت حاضنة رئيسية لنشاطاتهم التنظيمية السرية وتنقلاتهم وكانت أراضيها منفذا بشريا مهما، كخطوط مواصلات، وداعش تدرك اليوم بأن صلتها الجغرافية مع تركية باتت في خطر وانحصرت في جرابلس حتى منطقة الراعي بعمق 50 كم وهي منطقة استنزاف للتنظيم مع تزايد الضغوط التي تمارسها انقرة على حركة مسلحيه/ الاجانب/ الراغبين في الوصول الى ولاياتهم الرقة، فبعد خسارة مساحات حدودية كبيرة في ريف

.
عشرات الغارات على PkK، وقصف لمواقع الـ YPG:
منذ الإعلان عن الاتفاق الأمريكي – التركي وشروط استخدام قاعدة انجرليك، والمنطقة العازلة، مقابل دخول تركية الى التحالف الدولي ضد داعش، ونحن نتابع أن الغارات التركية تتجه نحو قنديل بكثافة ودقة، ترافق ذلك مع حملة واسعة للاعتقالات شملت غالب المدن الكردية، الى جانب تصاعد وتيرة الخطابات والحرب الإعلامية من قبل المسؤولين الاتراك وهم يؤكدون الدعم الأمريكي، ودعم الناتو، ومشروعية حربهم التي وصفوها بالشاملة والمستمرة ضد PKK كمنظمة إرهابية الى جانب داعش.

.
عشرات الغارات على قنديل حيث قواعد حزب العمال الكردستاني، الى جانب قصف مواقع الـ YPG في ريفي كوباني، وتل أبيض وسقوط جرحى، واستهداف لأي تحركات مريبة على حدودها مع الكرد من رأس العين/ سري كاني الى الفرات غربا، فيما هدوء لكامل جبهتها مع داعش بدءا من الفرات الى مشارف اعزاز مع غارة واحدة فقط على قرية عياشة الحدودية التي اشارت التقارير بانها بالأصل قرية خالية من داعش، بالمقابل نجد أن داعش، والأتراك يتقاسمون السيطرة على بوابة جرابلس، قرقميش ونلاحظ تحركات لمسلحي داعش طول الحدود المشتركة، وأيضا شاهدنا على القنوات التركية جرافات التنظيم القريبة جدا من الحدود التركية وهي تقوم منذ شهر تقريبا بحفر الخنادق حول جرابلس.

.
الاتراك اتخذوا من اعلان حربهم ضد داعش شماعة لمحاربة الكرد فحسب وحربهم ضد داعش حرب وهمية، وهدف تركيا هو الكرد وليس داعش، لسببين الأول هو الهاجس والتخوف التركي من احتمال انتقال معارك الكرد لغربي الفرات بدعم غربي لتحرير المنطقة من جرابلس حتى اعزاز من داعش وبالتالي استكمال خارطة ربط كوباني بالجزيرة شرقا، وعفرين غربا في استنهاض حلم الدولة الكردية/ روج افا، إضافة الى الانتخابات كسبب ثاني والهدف هو ان التصعيد الأخير سيساهم في جر البلاد الى المزيد من الاضطراب والقلاقل أمام الاختبار المهم وهو/ الأمن/ وبالتالي سيتحقق هدف أردوغان في المضي الى الانتخابات المبكرة، ومن المؤكد ان غالب الاتراك سيفضلون الأمن على أي شيء آخر وبالتالي سينجح العدالة والتنمية في نسبة أكبر تؤهله مجددا للتفرد بالحكم.

.
وبالتالي فإن الهدف التركي الان هو التدخل في المنطقة من جرابلس حتى اعزاز ليس لحمايتها، او حماية المدنيين او لاعادة توطين اللاجئين
إن كانت الدولة التركية جدية فعلا في الدخول الى التحالف الدولي ضد الإرهاب/ داعش فيجب عليها التوقف عن قصف الاكراد في قنديل، وكوباني، وتل ابيض، والتوقف أيضا عن مساعي احتلال القرى التركمانية شمال سورية تحت ذريعة المنطقة العازلة وأن تبدأ بسلسلة اجراءات قوية، او لها استخباراتية فالتنظيم متغلغل بالأصل في مفاصل الحياة والمجتمع التركي الذي سيتدعشن برمته أمام الاكتفاء بمراقبته أو حتى محاربته بدون آفاق منهجية، وستصبح تركيا منبعا وبيئة أكثر من ملائمة لعمل ونشاط التنظيم.
دخول تركيا على خط الحرب ضد داعش إن لم يكن متكاملا ضمن استراتيجية واضحة، مخطط لها ستكون نتيجته كارثية، وسيمنح داعش فرصة أكبر للاستمرار.

.
وسيستفيد منه التنظيم، هذا التنظيم ذكي جدا فهو الذي اختار موعد المعركة، وهو الذي جر تركيا، داعش يفكر في شيء ما، لذا فإن من المهم الانتباه بأن الحرب ضد داعش تحتاج لاستراتيجية متكاملة، ودخول تركية على الخط يجب ان يكون ضمن تلك الاستراتيجية التي تبدأ بالسماح قبل كل شيء باستخدام اراضيها لقيادة عمليات القصف الجوي والتدخل البري حتى وكشف ملفات الاستخبارات التركية المتكدسة طيلة العامين الاخيرين، وبناء غرفة عمليات جديدة تشترك فيها الاطراف التي تحارب التنظيم، وتوسيعها بخطط شاملة لمعالجة مختلف القضايا العالقة وخاصة في تبعات تحرير المناطق والوضع الداخلي في سوريا والعراق.

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك