دوافع تأخير معركة الرقة

آراء وقضايا 11 نوفمبر 2016 0
دوافع تأخير معركة الرقة
+ = -

عبدالعزيز مشو
.
عندما بدأت الثورة التي شملت أغلبية المدن والمناطق السورية كانت مدينة الرقة من المدن التي تراقب الأوضاع عن كثب ولم نشهد لها حراكاً مؤثّراً وواضحاً سوى بعضٍ التظاهرات الخجولة وغير المتوقعة أسوةً بغيرها من المدن كدرعا و حمص وعامودا وغيرها مع ميلها الواضح للنظام السوري أكثر من المعارضة هذه الأوضاع جعلت الرقة من المدن الهادئة والآمنة خصوصاً مع مرور الشهور والسنين الأولى من عمر الثورة حتى ظهر بوضوح تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) الذي استطاع بناء قوة عسكرية عملاقة سيطرت على هذه المدينة الاستراتيجية المتوسطة للعمق السوري بين حلب ودير الزور والجزيرة إضافة لحماه وجعلها عاصمة لخلافته المزعومة بعرض مسرحي متميز ومن ثمَّ الامتداد في باقي المناطق بسرعة وسهولة خصوصاً بعدما استولى على أحدث الأسلحة الأمريكية المتطورة من القوات العراقية والسورية ليبسط سيطرته المطلقة على أكثر من ثلثي مساحة العراق وسوريا معاً لكن هذه الوحوش البشرية تعرضت لضربة قاصمة جداً إثر تلقيها الهزيمة تلو الأخرى على يد القوات الكردية متمثلةً بالبيشمركة و قوات الحماية الكردية وبمشاركة واسعة من طيران التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية التي سعت جاهدة لفرض أجندة خاصة بها في المنطقة والسير بمشروع الشرق الأوسط الجديد والساعي لتقسم وتفتيت العراق وسوريا معا لدول متعددة صغيرة غير قادرة على الوقوف طويلاً في وجه أيّ نشاط متعلق بالأمريكيين وأصدقائهم بالمنطقة وإنهاء الوجود الإيراني في سوريا والعراق عبر دعمها لمعارضيهم وضرب قواتهم بطرق غير مباشرة ومحاولة الأمريكيين تهميش الدور التركي مستقبلاً الرافض والمحير في الكثير من الأوقات للقيادة الأمريكية والمبتزّ لها في الكثير من الأزمات عبر قنوات متعددة مما جعلها محل سخط القادة العسكريين في الولايات المتحدة والذين قاموا ببناء قواعد جوية بديلة في كردستان العراق ومناطق الجزيرة السورية هي في الغالب بديلة عن القواعد الأمريكية في تركيا لتصبح معركة تحرير الرقة مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) محصورة بيد الأمريكيين وحدهم دون النظر للمصالح التركية أو الإيرانية بل هي النهاية المؤكدة لإنهاء هؤلاء قبل داعش نفسها لذلك تتريث القيادة في البيت الأبيض لجملة من التطورات منها تقسيم سوريا والعراق معاً تكون أمريكا احد الداعمين لإحداها والروس للأخرى والخليج للثالثة دون أن تتشابك أو تتطابق مع المنظور الإيراني أو التركي ولذلك تأخرت المعركة للوقت الراهن لعدم توصّل تلك الأطراف لاتّفاق نهائي لرسم تلك الحدود ولم تظهر بوادر التسوية السياسية بين تلك القوى حتى الآن ولكنّها وشيكة و باتت قريبة جداً ولن يستمر الانتظار طويلاً خوفاً من تغيّرات مؤثرة ومفاجئة قد تحدث مشاكل إضافية للقوات الأمريكية أو المساندة لتنفيذ المشروع الأمريكي حصراً .
.

برأيي إن مرحلة إنهاء داعش قد باتت قريبة جداً ولن يطول كثيراً وهي مسألة وقت لا أكثر والأمريكيون قادرون على إنهائها بالصورة المتوقعة والمرسومة ولكن جملة من المعطيات في الداخل الأمريكي هي من أخرتها قليلاً والآن الفرصة باتت حتمية ومؤكدة بوصول الرئيس دونالد ترامب لسدة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية والذي سيشهد عهده تغيرات بالجملة منها إنهاء داعش وتطورات أخرى متوقعة كتقسيم العراق وسوريا لإنجاح المشروع الأمريكي .

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك