تأخر الحسم في منبج؟

آراء وقضايا 07 يوليو 2016 0
تأخر الحسم في منبج؟
+ = -

مصطفى عبدي:

.

دخلت معركة منبج يومها الرابع والثلاثون، فيما حصار المدينة
ما يزال متواصلاً منذ العاشر من حزيران، ورغم التقدم السريع لقوات المجلس
العسكري بداية الا أن الحسم في المدينة قد تأخر وهو مرتبط بعدة عوامل على
ما يبدو منها وجود الكثير من المدنيين المحاصرين داخل المدينة والذي يقدر
عددهم بين 10 الى 20 الف يتخذهم التنظيم كدروع بشرية، وقام بحشرهم في
الاحياء الداخلية وهو ما يؤثر على قرار الاقتحام، وفي قيام التحالف بقصف
تمركزاته خشية اصابة المدنيين ليتم اللجوء الى توجيه ضربات دقيقة تجنب استهداف المدنيين.

.

كما وأن التقدم السريع لقوات المجلس في ريف منبح منح التنظيم فرصة
للانسحاب والتجمع داخل المدينة، والتخيط لتحويلها الى حرب شوارع، وحرب
عصابات مستفيدا من المدنيين الذين قام باحتجازهم ومن ثم القيام بحرب
عسكرية وقودها السيارات المفخخة والعمليات الانتحارية، التي لعبت هي
الاخرى دورا في ابطاء التقدم فعدد السيارات المفخخة خلال الـ 72 ساعة
الاخيرة تجاوز الـ 11 سيارة.

.

وساهم قيام التنظيم بزرع حقول من الألغام والأفخاخ وحفر الخنادق، دورا في
تأخير التقدم اضافة إلى قدرته على المناورة القتالية وامتصاص ضربات التحالف.

.

ولعل السبب الاهم هو تراجع الجيش السوري على محور أثريا ـ الطبقة، وهو ما
جعل تنظيم «داعش» يحتفظ بخطوط الإمداد بين الرقة ومسكنة، وبالتالي قام
بتعزيز قواته التي تتكفل بمهمة صد هجوم «قوات سوريا الديموقراطية» على
مدينة منبج، وتدعيم مساعيه لفك الحصار المفروض على المدينة من جهاتها الأربع كما يجري الان.

.

كما وساهم انسحاب التنظيم من ريف حلب الشمالي وتوجيه مقاتليه الى خطوط
الجبهات غربي منبج، والهجمات من جرابلس وتدفق المقاتلين الذي يصله عبر الحدود التركية دورا جوهريا في تأخر الحسم.

.

وهنا نذكر أن الجيش السوري وبتوجيه روسي ادرك أنه ليس من مصلحته قطع
إمدادات داعش عن منبج ومساعدة الامريكيين والكرد بالسيطرة عليها، فاتخذ
قرارا مفاجئا بالتراجع عن التقدم الذي كان يحرزه باتجاه تحرير مطار
الطبقة، هذا القرار اوصل رسالة الى داعش بأن الامرييكين يلهونهم بمعركة
الرقة الوهمية، للتوجه الى منبج التي هي الهدف التالي وذلك لجعل الكرد
والامريكيين يدفعون فاتورة إحتلال منبج كاملة، لكن ” النظام” بالمقابل
غاب عنه انه بهذا القرار قد قضى تماما على اي حلم له بالعودة الى الرقة،
او حتى محاولة التوجه مجددا الى الطبقة التي يقع فيها سد الفرات.

.

كان بالإمكان تصور النتيجة المغايرة لو أن عمليات الجيش السوري على محور
الطبقة انتهت بقطع طرق إمداد التنظيم بين الرقة وريف حلب الشرقي، والتي
لم تكن بحاجة إلا لتجاوز عدة كيلو مترات فقط، وهي خطوة كان من شأنها أن
تخفف الكثير من الضغوط على قوات «منبج» التي رغم ذلك تواصل التقدم ولكن
ببطئ في احياء المدينة داخل منبج، وتواصل صد محاولات التنظيم لفك الحصار
من خلال هجمات عكسية يشنها من جرابلس، ومسكنة بخطوط امداد مفتوحة من الرقة ومن تركية.

.

التنظيم منذ بداية المعركة ادرك أنه لن يتمكن من الصمود أمام مقاتلي
منبج، لذا اختار خطة الانسحابات التكتيكية، من الريف وتحويل المعركة لحرب
عصابات فقام باعتقال المدنيين داخل المدينة للاستفادة منهم لاحقا كدروع
بشرية، وبذا فإنه نجح نسبيا في إفشال خطة قوات منبج التي اعتمدت على انه
وبعد تطويق المدينة، سيتم تقسيمها إلى مناطق منفصلة بعضها عن بعض، ومن ثم
سيتم اختيار المحور الأفضل لفتح طريق آمن للمدنيين لإجلاءهم قدر الإمكان
قبل الانقضاض عليها، غير أن «داعش» كانت له خطة مختلفة، وارادت تحويل
معركة منبج الى كوباني ثانية ولكن من خلال الاحتفاظ بالمدنيين كدروع
بشرية هذه المرة، وهو يدرك ان التحالف، وقوات منبج لن تغامر في استهدافهم..

.

ويبقى أن لا نتجاهل الدور التركي السلبي في هذه المعركة، وهي التي تسعى
بكل السبل لافشالها، كون سقوط منبج بيد الكرد، يعني عسكريًا وصل الشريط
الكردي الممتد من شمال شرقي القامشلي إلى كوباني، وصولاً إلى عفرين وهو
يعني سيطرة الكرد على ما يقارب الـ700 كيلومتر أي ما نسبته 80 في المائة
من الحدود السورية التركية، وهو ما سيعزز الحلم الكردي في اقامة اقليم
لهم، وهو ما ترفضه تركية وتعتبره خطرا على الامن القومي، لذا فإن الهدف
الاساسي لتركية الان يتجسد في المحفاظة على الشريط الحدودي مع سوريا
بوضعه الحالي، فكيف إذا سيطر الكرد على 80 في المائة من هذه الحدود؟
قصارى القول مخطئ من يعتقد أن المعركة الحالية هي لتحرير منبج فقط، او هي ضد داعش لوحدها، لا بل هي معركة الحسم في اتمام رسم الحدود، وترسيخ
الفدرالية جغرافيا وهي ضد تركية، وضد النظام ومن في صفهما

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك